خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي

المسجد الحرام
الرياض - العرب اليوم

أوصى أمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن عبدالعزيز السديس المسلمين بتقوى الله تعالى والحذر من الغفلات والاغتِرَار، والاعتبار بِتَقَضِّي الدُّهور والأعمار.
وقال في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم بالمسجد الحرام :" في هذا الأوان الذي جَدَحَتْ فيه يَدُ الإمْلَاق كأسَ الفِرَاقْ، وأوشك العام على التمام والإغلاقْ، لا بد لأهل الحِجَى من وقفاتْ؛ للعبرة ومراجعة الذاتْ، وتجديد الثقة والثبات، والتفكر في ما هو آتْ ، فَمَن لم يتَّعِظ بِزوال الأيّام ولم يَعْتبِر بتصرُّم الأعْوَام، فما تفكَّرَ في مَصِيره ولا أناب، ولا اتّصف بمَكارِم أولي الألباب، قال الرَّحيم التّواب: ﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾، قال الإمام الطبري ~:" هذا احتجاجٌ من الله تعالى حيث قال جل ثناؤه: تَدَبَّرُوا أيها الناس واعتبروا، فيما أنشأتُهُ فَخَلَقْتُهُ من السموات والأرض لَمَعَاشكم وأقواتكم وأرزاقكم، وفيما عقَّبْتُ بينه من اللَّيْلِ والنَّهارِ فجعلتهما يختلفان ويَعْتَقِبَانِ عليكم، تتصرفون في هذا لِمَعَاشِكُم، وتَسْكُنُونَ في هذا راحةً لأجْسَادِكُم مُعْتَبَرٌ ومُدَّكَر، وآياتٌ وعِظَات ، فاعتبروا يا أولي الألباب.

" فالتأمل والتدبر في حوادث الأيام وتعاقبها مَطْلَبٌ شرعي ، ولا يَنِدُّ عن فهم الأحْوَذِي ؛ الحقيقةُ القاطِعَةُ السَاطعة ؛ كَوْن الآخرة أبَدَا، والدُّنيا أَمَدَا، وأعمالُنا فيها مشهودَة، وأعمَارُنَا مَعْدُودَة، وأقوالنا مرْصُودَة، والودَائع لا محالة مَرْدُودَة، والآجال محتومة - يا عباد الله - لِتَبْصير النُّفوس وإرْشادِها، وتصْحِيح عِثار المسيرة وتَذْلِيل كِآدِها، وتوجيه الأمّة المُبَارَكة شطْرَ العَلاء الوثَّاب، والحَزْم الهَادِف الغَلاَّب، فما أحْوَجَ أمّتنا في هذه السَّانحة البَيْنِيَّةِ أنْ تَنْعَطف حِيال أنوار البصِيرة، فَتَسْتَدْرِك فَرَطاتِها وتنْعَتِق مِن ورَطاتِها، وتُفعِم رُوحها بِمَعَاني التّفاؤل السّنِيّة، والرَّجاءات الرَّبَّانية، والعزائم الفُولاذِيَّة، وصَوَارِم الهِمَمِ الفتِيّة، كي تفيء إلى مَرَاسِي الاهتِدَاءِ والقِمَمِ، وبَدَائع الخِلال والقِيَم، على ضوء المورِدِ المَعِين، والنَّبع الإلهي المبين: هَدْي الوَحْيَين الشريفين ، مستمسكةً بالتوحيد والسُّنة بنهج سلف الأمة، تحقيقًا لقول النبي صلوات الله وسلامه عليه : "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما؛ كتاب الله وسنتي" أخرجه مالك في الموطأ.

وبين فضيلته أنه في زمانٍ كشفت الفِتَنُ فيه قِنَاعَهَا، وخَلَعَتْ عِذَارَهَا، إنَّا لَنُرْسِلُها هَتَّافَةً ، ونُكرِّرُهَا رَدَّافة ، في ختام عامِنا الهجري ، واستشراف عام جديد بَهِيّ ؛ ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾، فَهَلُمُّوا - عباد الله - إلى تجديد الثقة والتَّغْيِير الإيجابي المُنعَكِسِ بِصِدْقٍ وإخْلاصٍ ورُسُوخٍ على صعيد الواقع والتّربية والسُّلوك، التَّغيير الذَّاتي الذي يَبْني المُجْتمعات، ويَسْتَشْرِف الخير للأجيال الفتيِّة الصَّاعدة، ليكون النَّجْحُ معقودا بِنَوَاصِيها، والمجدُ مُكْتَنِفًا مَطَاوِيها، ويكون دَيْدَنُها جَمْعُ الشَّمْل ودرء الفتن، ووأد الشبهات، واستشعار جَلال الأُلْفة والجماعة، وما تقتضيه مِن السَّمع والطاعة.

وأضاف الدكتور السديس أن مما يثير الأسى أن نرى أقوامًا من أبناء الأمة قذفوا بأنفسهم في مَرَاجِلِ الفِتَنِ العمياء، والمعامع الهوْجَاء، في بُعْدٍ واضح عن الاعتدال والوسطية، وهذا تفريط وجفاء، وتَنَكُّر واضح لسبيل الحُنَفَاء الأتقياء، وإنَّ تَنَكُّر هذه الفئام لمبادئ دينهم ولهفهم وراء شعاراتٍ مصطنعة، ونداءات خادعة، لهو الأرضية المُمَهِّدَة للعدو المتربِّص؛ وأمثال هؤلاء جَرَّؤوا الخصوم الألِدَّاء على العبث بمقدسات الأمة، وممارسة الإرهاب المتتابع ضد إخواننا في الأرض المباركة فلسطين، تحت سمع العالم وبصره، وإننا في ختام عام منصرم وآخر مستشرف لنجدد الثقة التي استقرَّت في السّوَيداء وحُقَّت، وانداحت في الرَّوح وتَرَقَّت، بل ونستأنس بها في هذا العالم المضطرب ، ثِقَةً وثِيقة، وبَيْعَةً صادقة مخلصة لولاة أمرنا وقادتنا، وأئمتنا وعلمائنا، ولنكون لهم سندًا وظهيرا في مواجهة الفتن والتحديات، ودرء الشبهات ودحر الشهوات، في عالم يموج بالمتغيرات، وفي الوقت الذي تُشَن فيه الحملات على أجيالنا لِتَفُتَّ في هِمَمِهِم، يجدر بنا أن نُجَدِّدَ الثقة في نفوسِ أبنائنا وشبابنا، وطلابنا وفتياتنا هذه الأيام، وهم يتوجهون إلى صروح العلوم والمعارف؛ للنهل من مَعِينِ العِلْمِ والمعرفة في بداية عامٍ دراسي حافل بالمعطيات والمنجزات، فطلابنا سواعد أوطاننا، وركائز نهضتنا، وهم الأمل بعد الله في مستقبل البلاد الواعدة، مما يؤكد مسؤولية المعلمين وأولياء أمور الطلاب والطالبات، والعناية بالمناهج والمباهج التربوية، والتحصين العقدي والفكري والأخلاقي، فتجديد الثقة عاملٌ من أهم عوامل بناء الشخصية السوية، ومعدوم الثِّقَة لا تراه إلا مُضْطَرِبًا، مُنهزِمًا، مُحْتَارًا، مُتردِدَا، وصاحبُ الثِّقة يَتَّسِم بالرسوخ والثبات، لا تَرُدُّه عن المُضِي في أداء رسالته في خدمة دينه وولاة أمره ووطنه ؛ نفثاتُ حاقدٍ، ولا نَقدُ حاسِدٍ، ولا تغريداتُ مَأزُومٍ، ولا نَعِيقُ مهزوم .

وقال الدكتور السديس :" ألا ما أحوج الأمة في ختام عامها إلى تجديدِ الثِّقةِ بربها سبحانه أولا، ثم بأنفسها وطاقات أبنائها، في مُنَازلة الأفكارِ المتطرفةِ، ومكافحةِ فُلول الغُلُوِ والإرهاب، ودُعاةِ التَّحَرر، والإقصاء والكراهية، والظلم والتسلط والقهر، والهيمنة والتعالي، والانهزامية والانحلال، والمتنكرين لدينهم وهُوِيَتِهِم، والخائنين لأوطانهم، والخارجين على ولاة أمرهم ، وتعزيزِ قِيَمِ التسامح والحوار، والاعتدالِ والولاءِ والانتماء؛ مُتَسَلِّحِين بالاعتصام بالكتاب والسنة، والسَّيْر على منهج سَلَفِ الأمة، مستثمرين مُقَدَّراتِ العصر ومعطياته ومكتسباته، في جَمْعِ الكَلِمَةِ ووحدة الصف، ونبذ الفُرْقَة والخلاف، ونشر رسالة الإسلام الوَسَطِيّ المعتدل، وتقوية الوحدة الدينية، واللُّحمة الوطنية، جمعًا بين الأصالة والمعاصرة لتحقيق سعادة الدنيا والآخرة".

وأضاف فضيلته بقوله :" إن مما يبعث الأمل في النفوس، ويُثبت العزائم قبل الرُّمُوس أن بلاد الحرمين الشريفين - وقد خصها الله بِفضائل جليلة، وخصائص كريمة جزيلة - ماضية بكل ثقة في نُصْرَة قضايا المسلمين وخدمة الحرمين الشريفين وقاصديهما، حريصة على مقدسات المسلمين في مختلف البقاع أشد الحرص، وَمَنْ أَجْدَرُ من بلاد الحرمين الشريفين، وهي التي تتمتع - بفضل الله - بالعمق الديني، والثِّقَل العالمي، والعمق الاستراتيجي، والمكانة الدولية المرموقة، وهي المؤهلة دينيًا وتاريخيًا وحضاريًا من حمل الراية في الأزمات الخانقة، وذلك بإبراز النموذج الإسلامي الحضاري الموفق، بإشراقاته وجمالياته في كل مجال من المجالات".

ودعا في ختام خطبته إلى بدء غرَّة الشهور من العام بالقربات والصِّيام والطاعات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرّم" أخرجه مسلم، وتذكروا حُسْنَ ثقة صاحب الهجرة صلوات الله وسلامه عليه بربه ﴿ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا ﴾، يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما " .. الله أكبر ، إنها الثقة المطلقة بالنصر والتمكين مهما احْلَوْلَكَت الظُّلُمات، وكثرت التحديات، والله المسئول أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال، ويحقق لنا فيما يرضيه التطلعات والآمال.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 14:28 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تشعر بالعزلة وتحتاج الى من يرفع من معنوياتك

GMT 09:45 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

20 عبارة مثيرة ليصبح زوجكِ مجنونًا بكِ

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 15:26 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يوم مميز للنقاشات والاتصالات والأعمال

GMT 07:09 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك أمور إيجابية خلال هذا الشهر

GMT 16:36 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

النشاط والثقة يسيطران عليك خلال هذا الشهر

GMT 17:29 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحالفك الحظ في الايام الأولى من الشهر

GMT 02:37 2015 الإثنين ,19 تشرين الأول / أكتوبر

تعرفي علي أجود أنواع البلسم الطبيعي للشعر المصبوغ

GMT 02:12 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

سيرين عبد النور تتألق بالبيج والنبيتي من لبنان

GMT 06:35 2019 الإثنين ,01 تموز / يوليو

تنتظرك نجاحات مميزة خلال هذا الشهر

GMT 16:23 2019 الإثنين ,10 حزيران / يونيو

تعرف على المطاعم في العاصمة الكينية "نيروبي"

GMT 18:51 2019 الجمعة ,28 حزيران / يونيو

السمك يحمي صغيرك من الإكزيما
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia