إحياء ذكرى ميلاد الروائية الراحلة رضوى عاشور
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

إحياء ذكرى ميلاد الروائية الراحلة رضوى عاشور

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - إحياء ذكرى ميلاد الروائية الراحلة رضوى عاشور

الروائية الراحلة رضوى عاشور
القاهرة - العرب اليوم

"ماتت مريمة منذ زمان، والعصافير لا تسكن القبور؛ لا بد إذن من الرحيل... قام علي، أدار ظهره للبحر، وأسرع الخطو ثم هرول، ثم ركض مبتعدًا عن الشاطئ والصخب والزحام.. التفت وراءه فأيقن أن أحدًا لم يتبعه، فعاد يمشي بثبات وهدوء، يتوغل في الأرض، يتمتم: لا وحشة في قبر مريمة". وبهذه الكلمات اختتمت الروائية الراحلة د.رضوى عاشور (1946 – 2014)، التي تحل اليوم 26 مايو/أيار ذكرى ميلادها، اختتمت ثلاثيتها الشهيرة "ثلاثية غرناطة"، التي صارت الجملة الأخيرة منها "لا وحشة في قبر مريمة" واحدة من أشهر الجمل التي يتداولها المهتمون بالأدب ورواد مواقع التواصل الاجتماعي.

واحتفل اليوم كذلك محرك البحث "جوجل" بذكرى ميلاد عاشور الثانية والسبعين. وفي 26 مايو/أيار من عام 1946 ولدت رضوى عاشور بالقاهرة، لتدرس اللغة الإنجليزية بكلية الآداب بجامعة القاهرة، قبل أن تسافر – بعد حصولها على الماجستير- إلى الولايات المتحدة الأميركية لتحصل على الدكتوراه من ماساتشوستس في الأدب الإفريقي الأميركي.

وثمة موقف سلبي دائمًا تجاه الـ"بيست سيلر"، الأكثر مبيعًا، أو الكاتب الذي يجمع قطاع كبير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي على قراءته، إذا يرتبط ذلك غالبًا بروايات يراها كثيرون روايات تجارية، تستطيع أن تغازل متطلبات بعينها لدى صغار السن من القراء، غير أن رضوى عاشور تثبت عكس ذلك، فلا تكاد تخلو مجموعة من المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي من ترشيح لإحدى روايتي عاشور الأكثر شهرة: "ثلاثية غرناطة"، و"الطنطورية".

وفي كلية الآداب تعرفت عاشور إلى الشاعر الفلسطيني – الشاب آنذاك- مريد البرغوثي، والذي أثار إعجابها بقصائده أولًا، ثم بشخصيته كفلسطيني مقاوم فارق بلاده منذ الصغر، ومازال يقاتل بحثًا عن العودة، وسرعان ما تحول ذلك الإعجاب إلى زواج دام لعقود، عايشت فيه عاشور تجربة قاسية وهي حرمان البرغوثي من دخول مصر لمدة 17 عامًا تقريبًا، بسبب اعتراضه على زيارة الرئيس الراحل محمد أنور السادات للأراضي المحتلة، فكان على رضوى أن تؤدي دور الأم والأب معًا.

ولعل ذلك الارتباط بالقضية الفلسطينية منذ الصغر، ثم معايشة ما يعانيه الفلسطينيون الذين يهجرون عن أرضهم عن قرب من خلال علاقتها بزوجها، هو ما ساهم في إنتاج عمليها الأكثر شهرة.

وفي 1994 نشرت د.رضوى عاشور ثلاثية غرناطة، التي تتكون من ثلاثة أجزاء: غرناطة، مريمة، الرحيل، وفيها تعود عاشور إلى نهايات القرن الخامس عشر، إلى إسبانيا، أو الأندلس كما كانت تسمى تحت الحكم العربي. واختارت عاشور لحظة فاصلة في تاريخ الوجود العربي في الأندلس، وهي اللحظة التي تسقط فيها غرناطة، آخر معاقل المسلمين، في يد القشتاليين، بعد أن تفرق المسلمون إلى طوائف مختلفة تنازعت فيما بينها، إلى أن انتهى الأمر بتوقيع معاهدة التنازل، بين أبي عبدالله محمد الصغير، آخر حكام غرناطة، وبين القشتاليين.

ولا تتوقف عاشور عند أحداث سياسية بقدر ما تتوقف عند حالة إنسانية، حيث تسرد الرواية من منظور شخصيات عادية لا شخصيات الحكام، عاشوا في تلك البلاد ما يقرب من 8 قرون، فلم يعرفوا وطنًا غيرها، فإذا هم فجأة يجدون أنفسهم ملاحقين، مضطرين للتخلي عن عقيدتهم وإلا واجهوا الموت، ثم مطلوب منهم الرحيل للأبد.

وجرح آخر ترسمه رضوى عاشور، في انتقالها من غرناطة في الأندلس، إلى الطنطورة في بلاد فلسطين، في 23 مايو من عام 1948 هاجمت العصابات الصهيوينة قرية الطنطورة الفلسطينية، وبعد مقاومة من أهلها استطاعوا اجتياحها، ليقميموا مذبحة انتهت باستشهاد عشرات الفلسطينيين الذين دفنوا دفنًا جماعيًا، وتشتيت أبنائهم.

وتتخذ صاحبة "خديجة وسوسن" من ذلك الحدث نقطة انطلاق لروايتها "الطنطورية"، التي تحكي سيرة رقية، الفتاة الطنطورية التي عايشت المذبحة، والتهجير، وخلال عقود أقامت أسرة من فلسطينيي الشتات، تعاني آلام الحنين للعودة لبلادها، وتعاين ما يجد من نكبات.

ولعل هذين العملين هما الأشهر لغرناطة بين أوساط قرائها، الذين وجدوا في العملين معالجة لجرح مازال ينزف منذ 1948، فاستطاعت عاشور أن تقدم لهم عملًا أدبيًا يجمع بين الجودة الفنية، وبين التناول الوطني للقضية. وغير أن عاشور لها عدة أعمال أخرى لا تقل أهمية، وإن كانت أقل شهرة من هذين العملين، من بينها روايات مثل: "فرج" التي قدمت فيها حكاية ثلاثة أجيال من الذين عانوا تجربة السجن، و"أطياف"، و"خديجة وسوسن" التي تروي فيها قصة تشبه قصة الأجيال، غير أنها نسائية خالصة تقريبًا.

وقدمت كذلك د.رضوى عاشور عدة كتابات في مجال النقد، كانت قد بدأتها في بداية مسيرتها بكتاب عن أعمال القاص الفلسطيني غسان كنفاني، الذي استشهد بتفجير دبرته المخابرات الإسرائيلية، وجاءت الدراسة تحت عنوان "الطريق إلى الخيمة الأخرى"، ثم قدمت كتابًا نقديًا عن الرواية في غرب إفريقيا بعنوان "التابع ينهض"، وغيرها.
 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إحياء ذكرى ميلاد الروائية الراحلة رضوى عاشور إحياء ذكرى ميلاد الروائية الراحلة رضوى عاشور



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار

GMT 16:40 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

"برجر كينج" تعلن عن وظائف جديدة

GMT 16:54 2018 الإثنين ,02 تموز / يوليو

شهر واعد يحمل لك فرصة جديدة
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia