الشاعرة ناهدة عقل الشعر وسيلة للتحايل على الألم
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

الشاعرة ناهدة عقل: الشعر وسيلة للتحايل على الألم

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الشاعرة ناهدة عقل: الشعر وسيلة للتحايل على الألم

دمشق - سانا

تقترن قصائد الشاعرة ناهدة عقل في ديوانها "ليل البتول" باليومي المشبع برائحة الذكرى.. بالقسوة الشفيفة التي تصوغها كرديف للألم والحب والحزن والفقد.. ما تكتبه عقل يحيلنا إلى نضوج استثنائي في الصورة الشعرية وفي تسخير الحياة لتلوين تلك الصور بحيث تأتي القصيدة كشاهد حي على الوجدان ودون أي مواربة في تسليط الضوء على الجرح الذاتي والجمعي في الوقت ذاته. تعتقد الشاعرة عقل أن الشعر حيلة من زاوية ما وتقول في لقاء مع سانا.. الفن والأدب كله وسيلة للتحايل على الألم البشري.. لكن هذا بالطبع لا يقلل من أهميتهما بشيء كما لا يمنحهما وظيفة التطهير ..قد يكون لهما مثل هذا الأثر على قارئ نصك وعليك حين تقرأ نص سواك، أما وأنت تكتب فلا مجال للحيلة هنا.. تكتب لأنك بحاجة لأن تقول ألمك إذا ما وصل صوته عاليا في داخلك وبات يهدد عقلك قد يسمي البعض هذه الحالة تحول الشعور إلى فكرة لكن هذا الكلام ليس دقيقا تماما. "إرث الألم" من أكثر قصائد "ليل البتول" التي تتوضح فيها رؤية ناهدة الشعرية.. إذ إنها تمسك زمام اللغة وتقودها نحو مفازات جديدة تتخلق من خلال قدرة عالية على التورية والاستعارة تقول في إرث ألمها مخاطبة أمها.. ها أنا لا أفعل إلا ما تفعلين.. أطارد يومي بكنس غبار الأحلام.. أنظف جسدي من كل لوثة حبر.. أهيئ كل عدة الحياة.. ثم أعتذر عن الحياة.. بت كما تشائين.. بائسة وراضية.. ممتنة لنعم لا أرغب.. ودعوات آمل ألا أسمع.. بت حاضرة جدية على الدوام.. كاذبة عادية على الدوام.. بت كما ترغبين.. صالحة لثناء الجميع.. بت أنت. وعند سؤالها عن هل ثمة لغة تتكرر عبر الأجيال الشعرية المختلفة ومن أين تأتي خصوصية كل شاعر توضح عقل.. الشعر لغة متفردة تنهل من اللغة وهو المكون الاجتماعي والطبيعي الأعمق لكل لغة لكنه ليس هي بحال من الأحوال.. هذا ما يعرفه كل شاعر بالممارسة ويتغامز به شعراء الأمس واليوم وإن كانوا ينتمون للغات وحضارات مختلفة تماما يمكن القول بأن ثمة لغة خاصة تعيد خلق ذاتها في كل جيل وفق الآلية ذاتها من جهة.. وعلى يد كل شاعر من بين شعراء الجيل الواحد من جهة ثانية وهنا مكمن الخصوصية. "أيها الشاعر.. يسمونك العاطل عن العمل والأمل.. يسمونك..يسمونك.. يسممونك.. وأنت وحدك نوح يكدح ليل نهار.. لرفعهم من الغرق" إذا كان الشاعر منقذا فمن هو منقذ الشاعر تجيب ناهدة.. لعل فكرة المخلص ذاتها أتت من واقع أنه لم يكن يوما ثمة مخلص ثم إنها فكرة الكسالى والمتدينين.. لعل الخلاص يكمن في المعرفة العميقة للنفس وهي وظيفة كل إنسان لا الشاعر وحده.. أعتقد أن الانسان مخلص نفسه بالدرجة الأولى لكن خلاصه لا يتأتى بغير الآخر.. قد يكون الآخر كتابا من تلك الكتب التي أودع فيها أصحابها الكثير من روحهم وفكرهم.. لكن أكثر ما تشتهيه روح الإنسان هو روح إنسان حي تحبه.. وفيما يتعلق بالشاعر فحاجته أكبر وبلوغها صعب إذ يلزمه إنسان بحجمه قلبا وفكرا.. لا عزاء للشاعر ولا معين له في وحدته بغير هذا. تقول عقل.. للشعر تحديدا وظيفة وقيمة روحية عظمى.. لا بكتابته وحسب بل بممارسته على مستوى الحياة الواقعية.. من غير الشعر حياة الإنسان حياة جثة كما يقول الشاعر نزيه أبو عفش. "لا جدوى لتمارين النسيان"، "مليئة قصائدي بالماضي"، "وخز الذكرى السام" وفق هذا المنطق تنطلق الشاعرة ناهدة نحو توثيق الحياة بالشعر وفق لغة خاصة تهتم بالوجدان وما يصطفيه القلب والذاكرة والروح من أجل المجاهرة بتركاته عن ذلك تقول.. الشعر توثيق بصورة من الصور.. توثيق لما لا يوثق لا قولا ولا رسما ولا حتى بلغة الموسيقا.. هو يستعين بكل طرق التوصيل العادية والفنية للقبض على حالات شعورية عميقة شديدة الفردية وجمعية في الوقت ذاته.. أما فيما يخص الماضي فهذا شأن زمن الشعر ثمة مسافة بين عيش الحالة وتوثيقها بالشعر إن جاز التعبير. وعن خصوصية الوحدة في عرف شاعرة ستكون وحدها في غابة نفسها -كما تبوح- وهي القائلة "لن أطلب.. وآمل -مهما اشتد بي الضعف- ألا أجاب.. هكذا صرت وحدي تماما.. تدفئني شمس للجميع.. ويجمدني شتائي وحدي" تبين عقل.. تعنيني الوحدة بمعناها الواقعي وحسب.. أن تعيش وحيدا لفترة طويلة.. لا أكتب إلا ما سبق وعشته واختبرته بيدي وقلبي ولساني.. بل وأمعنت في معرفته أحيانا إلى حد يقارب العمى.. الصدق ليس ميزة مضافة للشعرية بل أقل ما تتطلبه من أدوات. الشعر في عرف ناهدة هو نكء للجرح أكثر.. وإمعان في الحلم أكثر.. دروس مكثفة لئلا تنسى الروح.. قيدها المر الأول..ولذا تأتي قصيدتها كمجابهة للنفس بالدرجة الأولى وحالة تحد لها فهي مونولوج داخلي يسبر الانفعالات وانعكاساتها ويتنبأ بسيرورة الألم الدائرية تقول.. أمامك ورقة بيضاء وعليك أن تتنازل طواعية عن كل أسلحة البشر من مراوغة وكذب وخجل وتعصب..الخ لتنال الحق في الخط على هذه الورقة.. وأي حق.. الحق بأن تدلي باعترافاتك على الملأ.. أن تعري نفسك على الملأ.. المضي للكتابة مضي بكامل الثقة والصبر إلى الجلجلة .. هي حالة صلب متكررة كما يقول الشاعر جوزيف حرب. يذكر أن الشاعرة ناهدة عقل خريجة قسم الإعلام في جامعة دمشق ومهتمة بالشعر وبالدراسات الشعرية أنهت مؤخرا دراسة عن الصورة الشعرية في شعر جوزيف حرب وبدأت بدراسة لأشعار نزيه أبو عفش فضلا عن أنها تملك مجموعة شعرية قيد الطبع وهي تعمل الآن كأمينة تحرير مجلة أسامة.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشاعرة ناهدة عقل الشعر وسيلة للتحايل على الألم الشاعرة ناهدة عقل الشعر وسيلة للتحايل على الألم



GMT 15:44 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

20 طفلاً يرافقون وزيرة المرأة التونسية في معرض الكتاب

GMT 18:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الشؤون الدّينية التونسية تناقش حوكمة ملفي الحج والعمرة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 18:22 2020 الإثنين ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 2 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 12:53 2014 الثلاثاء ,25 شباط / فبراير

"Facebook messenger" سيكون متاحًا لويندوز فون بعد أسابيع

GMT 11:08 2016 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

وقف الهدر والتبذير..شعار الكويت الجديد

GMT 16:21 2019 الخميس ,27 حزيران / يونيو

اجتماع تقني يجمع مسؤولي منتخبَي مالي وتونس

GMT 11:21 2018 الأحد ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

عقدة حياتو والكامرون

GMT 14:25 2017 الأحد ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

فيلم الرعب "Jigsaw" يحقق 32 ميلون دولار في أسبوع عرضه الأول

GMT 09:26 2017 الخميس ,13 إبريل / نيسان

سوسيج تري كامب السحر الحقيقي للحياة البرية

GMT 20:34 2018 الإثنين ,10 كانون الأول / ديسمبر

"HER" BURBERRY عطر المرأة الجريئة الباحثة عن التميز

GMT 12:54 2019 الثلاثاء ,11 حزيران / يونيو

أبسط وأسهل طريقة لاختيار الحجاب الملون بأناقة

GMT 13:37 2012 الخميس ,20 كانون الأول / ديسمبر

كأس ألمانيا: دورتموند وشتوتغارت وبوخوم إلى ربع النهائي

GMT 03:00 2013 الجمعة ,25 تشرين الأول / أكتوبر

ظاهرة "الإرهاب" كلفت تونس 4 مليارات دينار
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia