وقف الدراما التركية المدبلجة يأتي بالإيجاب على تطوير العربية
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

وقف الدراما التركية المدبلجة يأتي بالإيجاب على تطوير العربية

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - وقف الدراما التركية المدبلجة يأتي بالإيجاب على تطوير العربية

وقف الدراما التركية المدبلجة
أنقرة - العرب اليوم

بعد نشر مادة نقدية تحت عنوان «دراما تركية في فخ التنميط العنصري» في 25 شباط/ فبراير الماضي، بشأن مضي بعض الفضائيات العربية في عرض أعمال درامية تركية تتسم بمضامين وحوامل عنصرية وتنميطية استعلائية، وكنا نقصد خصوصًا مسلسل «أنت وطني» الذي كان يعرض على شاشة «أم بي سي 1» على رغم عدم إشارتنا الصريحة للمسلسل ولا للقناة حينها، وفي غضون أسبوع واحد فقط، قررت مجموعة قنوات «أم بي سي» منع بث مختلف المسلسلات التركية ووقف حتى تلك التي قيد العرض وأحدها المسلسل المذكور أعلاه. وقد يكون الأمر مجرد صدفة أو محض تزامن، ولكن لا شك في أن القرار يشكل موضوعيًا تجاوبًا مع دعوتنا المحذرة من خطر المقاربات العنصرية للدراما التركية المعروضة على «أم بي سي» وعلى غيرها من شاشات عربية.

وبلا ريب فإن القرار خطوة إيجابية وإن تأخرت، فليس خافيًا أن «أم بي سي» هي إحدى أكثر القنوات انتشارًا وتأثيرًا في العالم العربي وحتى بين عرب المهاجر والمغتربات، وهي لعبت دورًا سباقًا في التسويق للدراما التركية المدبلجة وترويجها تقريبًا في كل بيت عربي وناطق بالعربية. فالقرار وبمعزل عن ما وراء كواليس إقراره وشيوع التحليلات والتفسيرات المتباينة حوله، جدير بالتحية والبناء عليه لجهة فسح المجال أمام درامات أخرى كي يتذوقها ويتعرف إليها المشاهد العربي. فالدراما التركية أكملت عقدًا كاملًا من التصدر والبث المزدحم وتكرار نفسها في الفضاء التلفزيوني العربي لدرجة أن المشاهد بات يعاني من تخمة المسلسلات التركية المتشابهة حد التطابق. عشرة أعوام ولا ريب فترة كافية بل وزائدة عن الحد، فإن كان مطلوبًا من وسائل الإعلام، وعلى رأسها المرئية منها، تعزيز مناخات التثاقف والتبادل بين مختلف شعوب المنطقة والعالم، فإن الدراما المدبلجة هنا تشكل الوسيلة الأمضى في هذا المضمار، ولكن أي محتوى درامي مدبلج؟ فما يبث ينم عن الفوضى والاعتباط وانعدام المعايير والمقاييس وغياب تقويم ودراسة خطورة ما تهدف إليه الدراما التركية الموجهة. فأي حكمة وفائدة بل وأي متعة في الترويج لمحاولات إعادة إنتاج السلطنة العثمانية والتغني بأمجادها الدموية التي كان وقودها شعوب المنطقة من أرمن وكرد وعرب، إذ راح ضحية الإبادات الجماعية العثمانية لتلك الشعوب ملايين البشر والاحتفاء بسلاطينها وبنمط حياتهم الاستبدادي. وبأي منطق وأي حق بث مسلسلات تركية مدبلجة للعربية تشيطن الكرد وتصورهم كإرهابيين ومتخلفين في حين أن ثمة ما لا يقل عن عشرة ملايين كردي في كل من العراق وسورية ينطقون العربية.

 في المقابل تقدم «التركي» كسوبرمان خارق أين منه رامبو المغلوب على أمره قياسًا بشخصية «مراد علمدار» الخيالية لدرجة بات معها غير مستبعد أن نشاهد مسلسلًا تركيًا مدبلجًا للعربية يتغنى بجمال باشا السفاح ويروي صولاته وجولاته الدموية في بلاد الشام.

 

وعلى رغم التحفظات الكثيرة على الدراما الاجتماعية التركية أيضًا كإيغالها مثلًا في الإباحية لدرجة أن محور معظم المسلسلات التركية ولب حبكاتها كان حمل البطلة من خارج الزواج وما سببته من تأثيرات سلبية بخاصة على الفئات العمرية المراهقة، ولكن إجمالًا كان ممكنًا هضم وتقبل دراما تطرق موضوعات حياتية وإنسانية وإن لم تكن طرق المعالجة والتقديم متسقة تمامًا مع الطبيعة المجتمعية العربية والشرقية عمومًا. لكن ما هو مستهجن بالمرة العزف على وتر التوسعية والعدوانية التركيتين عبر دبلجة مسلسلات غارقة في التمهيد الدرامي لإعادة بعث الروح في رميم سلطنة دموية.

 

ولئن كانت عناصر رواج الدراما التركية وجاذبيتها عربياً تكمن أساساً في التركيز على جمال الطبيعة وتقديم أنماط حيوات مرفهة للمجتمع المخملي النخبوي الأقلي في تركيا فضلًا عن وسامة الممثلين وجمال الممثلات الحسناوات، ما يعني طغيان الجوانب الشكلية وقشور المظاهر على المحتوى والمضمون، وإن كان ثمة طبعًا شرائح وفئات عمرية تروقها هكذا أنواع درامية مهجوسة بالشكل، لكن ثمة شرائح وفئات واسعة لديها وعي نقدي وذائقة درامية رفيعة ومتعطشة لتقديم معالجات وحبكات وإبداعات درامية تنوع المجتمع وتنوع قضاياه واهتماماته وإشكالاته. فمثلًا لو توافر التمويل بإمكان الدراما اللبنانية مزاحمة نظيرتها التركية بل وحتى التفوق عليها، فعناصر الجذب التي تتمتع بها الدراما التركية متوافرة وأكثر في نظيرتها اللبنانية، بل ويمكن القول أنها ستلقى رواجًا وتقبلًا أكثر في المحيط العربي الكبير، فلبنان بلد عربي وأكثر ملامـــسة لواقع مختلف المجتمعات العربية. فلو تبنت مثلًا محطة بحجم «أم بي سي» توجه كهذا يمكنه النجاح و«تعويض» ما قد يحدثه منع الدراما التركية من فراغ في دراما الشكل والمظاهر إن جازت العبارة.

وهذه ليست دعوة لاستنساخ التجربة الدرامية التركية ولا إعادة إنتاج أخطائها كي لا نقول خطاياها بمقدار ما هي دعوة لتطوير صناعة الدراما العربية ومن ضمنها اللبنانية والأخيرة تتوافر على طاقات ذاتية كبيرة يعوقها الواقع الموضوعي الكابح.

ثمة درامات عربية لها تاريخ وباع طويلان كالمصرية والكويتية والسورية، فلم لا تتاح الفرصة لإعادة تنشيطها وتفعيلها بدلًا من تحول الممثلين العرب والسوريين واللبنانيين منهم بخاصة إلى مجرد مؤديي أصوات ومدبلجين للدراما التركية؟

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

وقف الدراما التركية المدبلجة يأتي بالإيجاب على تطوير العربية وقف الدراما التركية المدبلجة يأتي بالإيجاب على تطوير العربية



GMT 15:44 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

20 طفلاً يرافقون وزيرة المرأة التونسية في معرض الكتاب

GMT 18:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الشؤون الدّينية التونسية تناقش حوكمة ملفي الحج والعمرة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:19 2019 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

مراهق فلبيني يدخل فرّامة كفتة لتنتهي حياته

GMT 20:36 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

أفضل أنواع وتصميمات الأحذية الرياضية وطرق العناية بهما

GMT 05:00 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

مجلس الشيوخ الأميركي يقر تعيين أول مسؤول في إدارة بايدن

GMT 05:13 2019 الثلاثاء ,05 شباط / فبراير

نظام غذاء سري لأكبر أنواع أسماك القرش في العالم

GMT 06:08 2021 الأحد ,31 كانون الثاني / يناير

مانشستر سيتي يعزز صدارته بفوز شاق على شيفيلد يونايتد

GMT 12:01 2018 الإثنين ,03 أيلول / سبتمبر

رونار وفكر الثوار

GMT 19:05 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يشير هذا اليوم إلى بعض الفرص المهنية الآتية إليك

GMT 10:09 2021 الجمعة ,02 إبريل / نيسان

Isuzu تتحدى تويوتا بسيارة مميزة أخرى

GMT 18:28 2017 الثلاثاء ,11 تموز / يوليو

مجلس الشعب السوري ينفي إصدار بطاقات هوية جديدة

GMT 00:28 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

جمال عبد السلام يؤكّد أنه يدعم الشعب السوري

GMT 10:39 2015 السبت ,17 كانون الثاني / يناير

كيفية صناعة الموهبة والإبداع عند الأطفال؟

GMT 12:35 2017 الأربعاء ,26 تموز / يوليو

جريمة السبّ والقذف

GMT 14:54 2019 الثلاثاء ,12 شباط / فبراير

سيمبا التنزاني يتقدم بالهدف الأول في مرمى الأهلي
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia