فاطمة المزروعي تؤثث العزلة في مجموعتها الشعرية خطبٌ ما
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

فاطمة المزروعي تؤثث العزلة في مجموعتها الشعرية "خطبٌ ما"

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - فاطمة المزروعي تؤثث العزلة في مجموعتها الشعرية "خطبٌ ما"

دبي ـ العرب اليوم

في ديوانها الجديد “خطبٌ ما” يبدو القول الشعري لدى الشاعرة والروائية والقاصة الاماراتية فاطمة المزروعي محمّلا بخطاب شعري خفيض إلى حدّ أنه يهمس وأكثر قرباً إلى الصمت. هو خطاب عزلة الفرد واغترابه عن المحيط والبيئة بل وسفره عبر المخيلة إلى مطارح نائية، ففي هذه الإضمامة من القصائد التي بلغت الثلاثين وتوزعت على خمسين صفحة من القطع المتوسط، تأثثت هذه العزلة بمفردات وأشياء قليلة ومعجم فقير إذا جاز التوصيف وغنى في الصور الشعرية ذات الدلالة الحسية وغير الحسيـة المرتبطة بأشواق ورغبات عالية. أيضا يدرك القارئ أن صاحبة هذه القصائد تمتلك نضجا كافيا في أحاسيسها ومشاعرها بوصفها أنثى مكتملة الــذوات في مقدرتــها على التعبــير عن ذاتها. في القصيدة التي أخذ منها الكتاب عنوانه “خطب ما” أثثت الشاعرة عالم عزلتها بباب وستارة ونافذة وجسد وفراشة وموسيقى؛ ثلاثة أشياء جامدة وثلاثة أشياء أخرى نابضة: الجسد - الفراشة – الموسيقى ثم هناك القطار أخيراً، حيث الأشياء نابضة بتوقها إلى الرحيل أو رغبتها في البوح وكذلك الطيران. إنما هو طيران الفراشة؛ طيران الهداة والصمت؛ طيران بلا خفق أجنحة، بل هو طيران الفراشة وعبورها المدوي بصمته ذي الطيف من الألوان الزاهية مرورا بكل ما هو متعين في هذا العالم من كائنات حيّة وأخرى جامدة: “ثمة خطب ما ثمة ما لا يوصف هناك خلف الباب وخلف ستارة النافذة ثمة جسد وعينان تحدقان في فكرة مجنونة ثمة فراشة وصوت كمان وثمة ثمة في البعيد قطار ينتظر” هكذا، وبدءا من القصيدة الأولى “تحول” يدرك القارئ، أن الشعر هنا ينحو منحى التأمل مثلما يدرك أنه شعر يقتات على البساطة في التعبير كما في المفردات أيضا. تتشكل هذه القصيدة من أربعة أسطر متلاحقة، من غير الممكن لأحدها أن يتقدم على سطر آخر كما من غير الممكن محو سطر أو الاستغناء عنه، مع ذلك فإن ما يصنع المفارقة الشعرية في هذه القصيدة هو السطر الثالث منها: “وصار للحياة طيورها البيضاء” حيث تعلم الإنسان أن يحلم بالطير لأن فعل الطيران بات دلالة الطير بالمطلق وتعبيراً عن الرغبة في الرحيل الدائم وحيث البياض الذي يكسو هذا الطير يجمع أمرين معا هما: (الغياب – الموت) اللذان يترددان كثيرا في الكتاب: “حين اقترن وجودها بالكون صار للموت معنى وصار للحياة طيورها البيضاء ورغم الشجن صار بالإمكان أن تقول: أحبك رغم قسوة صندوقك”. وفي قصيدة “سماء ملونة” يتخذ العالم شكلا آخر، فلا تعود السماء زرقاء لأنها كذلك بل هي ملونة بزرقة من قلب المرأة – الشخصية الساردة في القصيدة في حين الأشياء الأخرى كلها رمادية، ما يعني أن القارئ بإزاء لونين باردين يطبعان العالم بدلالاتهما النفسية بالدرجة الأولى لكنهما أيضا اللونان اللذان هما عينان ترى المرأة من خلالهما عالمها. فتبلغ كآبة البرودة هذه ذروتها عندما السماء ستبقى ملوّنة وبالتالي سيبقى الرمادي رماديا مرة واحدة وإلى الأبد و”تعلن للعامل رفضها بوضوح”. أخيرا هناك العديد من القصائد التي تستوقف المرء فيها تشبيهات واستعارات وصور شعرية أو اقتطاعات لإعادة قراءتها أكثر من مرة: “إنني أنتظر انتظاري يشبه دائرة خالية من الأوكسجين.. الليل وأنا صوتان مغتربان ليس لهما منزل”. و”قلبي هاربٌ يجوب الهواء”. و”في الليل أشبه كأسا فارغةً في الليل لا أشبه أحدا”. و “مرة أخرى عيناكِ نافورتان من الكلام مرة أخرى الضوء يضلُّ الطريقَ إلى الفراشة”.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاطمة المزروعي تؤثث العزلة في مجموعتها الشعرية خطبٌ ما فاطمة المزروعي تؤثث العزلة في مجموعتها الشعرية خطبٌ ما



GMT 15:44 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

20 طفلاً يرافقون وزيرة المرأة التونسية في معرض الكتاب

GMT 18:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الشؤون الدّينية التونسية تناقش حوكمة ملفي الحج والعمرة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia