شكيب خوري يجابه كره النساء
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

شكيب خوري يجابه كره النساء

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - شكيب خوري يجابه كره النساء

بيروت ـ وكالات

يردّ المسرحي اللبناني شكيب خوري، أخيراً، على مقالة كان كتبها الفيلسوف الألماني آرثور شوبنهاور (1788 - 1860)، وقد كانت فحوى كتابه «في موضوع المرأة»، وانتقى فيها شوبنهاور الآراء اللاعلمية واللاعادلة، ليُركّز على «العيب في شخصية الأنثى». ويتجلّى كره شوبنهاور للأنثى في الكتاب، وانحيازه المزمن إلى فرضية تاريخية، تدّعي سذاجة المرأة ومحدودية طاقاتها. في كتابه «عذراً سيدتي، تأخّر ردّي على شوبنهاور»، الصادر عن دار بيسان (بيروت)، يقع المؤلف خوري في إشكالية معاندته لرأي الفيلسوف، وصدمته بمقدار تغليب شوبنهاور مشاعره ونزواته الذكورية على إدراكه وبصيرته الفلسفية. فهو أطلق على المرأة كل النعوت الرديئة متعمداً تحقيرها، ومن هنا، يُقرّر خوري الردّ بلسان حاله على أوهام شوبنهاور الأنثربولوجية تجاه تركيبة المرأة إنسانياً. ويستشهد المسرحيّ اللبناني بالأعمال الدرامية والفنون والروايات والنقد، ويحشد طاقةً فكرية جمّة لتركيب توصيف أدبي فني، حول الشخصية الأنثوية في المطلق. وهو لا يفصل بين هذا الدفاع الشاعري، والرغبة في التحرر العام من مآسي الحروب التي صنعتها غريزة التسلّط، فيخلص في مقدمة الكتاب إلى قوام العدالة الذي لا يمكن تحقّقه، مع واقع للمرأة، يبدأ بالوأد، وينتهي بنقل المسرحيين ثوابت المجتمعات الذكورية إلى المسرح، بينما نشأت في المقابل، حركات مسرحية ناضلت، وما زالت تناضل، لمصلحة الفرد من دون تمييز جنسه، وتصرخ: أريد عدالتي لأكون، ولأشفى من العذاب والاضطراب النفسانيين. انشدّ الكاتب المسرحي هنريك إبسن إلى القضايا النسوية المحظورة التي كانت تقلقه، كما يشير خوري، إذ ربط الأحداث التاريخية الداعية إلى تحرير المرأة (حركة انطلقت في القرن التاسع عشر) بدعوته إلى الحرية الشخصية، والصراع بين طموحات الفرد والمجتمع ومؤسساته. وأتى لاحقاً بشخصيات مدروسة نفسياً، كما في حبكه شخصيات مسرحية «الأشباح» من خلال شخصية أب منحط، منغمس في المتعة الجنسية، نقل إلى ابنه مرض السفلس، فتترك الأم «السيدة ألفينغ» زوجها، بينما يثير قرارها نقمة المتزمّتين. يرفق خوري سرده النظري حول الأمثلة بمقاطع من النصوص الأصلية، كما في إيراد مقاطع من الحوار المسرحي من مسرحية «الأشباح»، بين ربيكا وكرول، وتحليل الغرض من الجُمَل الحوارية لتوصيف طباع المرأة، وما يُجرِيه المجتمع من قمع لمشاعرها وصفاتها الشخصانية أو تحريرها. يُقسم الكتاب إلى عشرة فصول، (هي إشارة إلى عناوين الأعمال المتناولة كأمثلة): الخرافة، عدالة الشعراء، كره النساء، حركة الجندر، تمرّد الدمية، طباع الجنسين متطابقة، بستان الكرز، ريح الشرق وريح الغرب، موسم الرجال، الحب يبارك الحياة. وفي كل فصل من هذه الفصول عودة تحليلية مُفصّلة إلى الأدب والفن من خلال أمثلة دقيقة، كما في فصل «عدالة الشعراء» حين يذكر خوري علاقة الإغريق بآلهتهم، هذه العلاقة التي كانت مُتشنّجة باستمرار، بسبب إيمانهم بآلهة عدّة، بينما آلهتهم ميّالة إلى القتال والأذى. فعلى سبيل المثل، يصرخ الكورس في مسرحية «بروميثيوس مقيداً» لإيسخيلوس: «أتمنى ألّا تنظر إليّ/ عين الآلهة الجبّارة التي لا نجاة منها»، وتطرح الصرخة مسألة عدالة الفرد الإغريقي إزاء عدالة آلهته. وأشار خوري إلى هدف سوفوكليس من تناول خرافة أوديب، وهو إعطاء الملوك بعد أوديب، مثالاً وأيقونة، على ملك وقع في الآثام الطيبة، ثم في تطهيرها، والتبشير بكرامة الفرد وممارسة العدل. يُركّز خوري على أعمال إبسن، ومنها إعلان شخصية نورا في القرن التاسع عشر، في نص «بيت الدمية» المسرحي، أنها في حاجة إلى فهم قيمتها الإنسانية، هل لها موقع في العائلة أو أنها مجرد دمية مدللة ورديئة المعشر، في وقت الشدة العائلية؟ تفاجئ نورا الجمهور، فبينما تظهر، في البداية، بصفات عادية، تتمرد مرةً واحدةً، أمام ملامح رجلها الكلاسيكية «الزوج تورفولد هلمر»، المحامي الحريص على سمعته وماله ومصروفه وسلطته الأبوية. يُفصّل الكاتب طباع هذه الشخصية كما أظهرها إبسن، متحدثاً عن الوهم الزائف في حرية تحققت بأساليب خارجية، وعن نمو الإنسان من الداخل إلى الخارج. يتنقل خوري، ناقلاً صراعات مسرحية «بستان الكرز» لأنطوان تشيخوف، معتبراً إياها من اسمها عنواناً لأشجار ثمارها هشّة، كما نساؤها، متقلبة في نكهتها، مزاجها، لونها، ميزتها، كحال الثمار اللزجة - الماوية. وأراد تشيخوف في المسرحية أن يقارن بين هشاشة ليوبوف أندرييفنا رانيافسكايا وحبة الكرز، بينما الدار دلالة على شخصيات متنوعة الخصائص، تجمع بينها روابط العائلة الواحدة. ويرمز البستان، كما يقول خوري، إلى العالم بأسره، متحولاً إلى باطون وأسفلت. كل ما أورده خوري في كتابه، ما هو إلا محاولة لتعرية الواقع المطلق للنسوة، حيث تبدو على أجسادهن آثار السياط، نتيجة قمع المجتمع لهن، واعتبارهن منذ ولادتهن شكلاً من أشكال الضعف، وهو يجعل من شوبنهاور، حجة للبدء، بفكرته عن العالم النسوي الذي شُخِّص بسلبياته وبإيجابياته في عالم المسرح، وفي الفن البصري العام، والأدبي، فكان واقع المرأة سبباً لإبداع أهم الأعمال الفنية. ففي الثلث الأول من القرن العشرين، عالج لوركا، على نحوٍ صارخ وعنيف تسلّط المجتمع الأبوي الغائر في الزمن، وابتكر شخصيات عبّرت بسلبية ضد منظومة المجتمع، كما في مسرحية «يرما» 1934، عن فتاة معشوقة، تهزأ من توق البطلات إلى إنجاب الأطفال. لا يمكن فعل الحب أن يكون نسوياً فقط، أو ذكورياً فقط، لهذا فإن الحركات التي تعزل المرأة عن مناخها الاجتماعي العادي هي حركات مخفقة. يعود خوري إلى هيغل، وقوله: «الحب يبارك الحياة»، وما نصح به أيضاً جان أرتور رامبو ابن جيله، قائلاً: «يجب أن تكون عصرياً على رغم كل شيء»، وأوصى خوري بأن تتحقق الوصيتان في عصر هَمَّش فيه الحاسوب العلاقات البشرية. لا ينكر الكاتب أن ألكترا شنّت حربها الطاحنة ضد المرأة (الأم)، ليس بسبب الخيانة الزوجية، وليس لأنها قضت على والدها فقط، بل لتعيد إلى والدها صورته الحقيقية، التي لحق بها تشويه مُذِلّ من خلال القتل، فجُرّد من جلاله ووقاره، من دون الحفاظ على حقوقه المتوارثة.  

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شكيب خوري يجابه كره النساء شكيب خوري يجابه كره النساء



GMT 15:44 2021 السبت ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

20 طفلاً يرافقون وزيرة المرأة التونسية في معرض الكتاب

GMT 18:29 2021 الأربعاء ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة الشؤون الدّينية التونسية تناقش حوكمة ملفي الحج والعمرة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia