بكين ـ شينخوا
أصبحت كلمة " البيانات الكبيرة " أكثر تداولًا بين الناس في الأيام الأخيرة، غير أنها ما تزال كلمة أكاديمية لكم تكن مألوفة لدينا . فما الذي يمكننا أن نتعلم ونستفيد منها؟
لقد بدأت شركات الإنترنت الصينية تتوجه نحو استكشاف فرص تجارية تقوم على أساس " تحليل البيانات الكبيرة ". وأصدرت شركة بايدو، وهي أكبر محرك بحث صيني ، خريطة آنية للنقل خلال ذروة السفر في عطلة عيد الربيع (( تشونيون))، والتي تعد أكبر هجرة بشرية في العالم، حيث قدرت وزارة النقل والمواصلات أن يبلغ حجم نقل الركاب 3.32 مليار شخص مرة في فترة تشونيون من العام الجاري.
ورسمت الخريطة المقاصد ونقاط الانطلاق وخطوط السفر الأكثر سخونة في أنحاء البلاد خلال عطلة عيد الربيع، حيث أظهرت أن السفر بين العاصمة بكين وتشنغدو، حاضرة مقاطعة سيتشوان بجنوب غربي البلاد كان الأكثر ازدحاما، وهو أمر أدهش مستخدمي الانترنت المحليين.
وجمعت الخريطة الآنية واسمها " هجرة بايدو" معلومات من خلال الهواتف الخلوية الذكية المجهزة بخريطة بايدو أو غيرها من التطبيقات التي تستخدم منصات الخدمات على أساس المواقع، والتي تستقبل قرابة 3.5 مليار طلب بشأن المواقع يوميا في البلاد وفقا لبايدو.
ولإعطاء عامة الناس مثل هذه اللمحة على هذه الظاهرة الاجتماعية هو مجرد واحد من التطبيقات حول البيانات الكبيرة، والتي تشير إلى الأرقام الضخمة التي لا يمكن تحليلها من خلال الأساليب التقليدي، حيث يمكن استخدام هذه الإحصاءات من قبل الشركات التجارية والحكومات لرؤية الاتجاه وتحسين الخدمات.
من الصعب أن يتم تحديد حدد القيمة المقدرة لهذا السوق الناشئ، غير أن شركات الانترنت أصبحت متحمسة لاغتنام فرصة البيانات الكبيرة.
وليس بايدو الوحيد من نوعه الذي ينقب عن الذهب في المنجم الجديد المكتشف ، حيث بدأت شركة عليباي، أكبر منصة للدفع من الجانب الثالث عبر الانترنت برعاية مجموعة علي بابا للتجارة الالكترونية، بإنشاء نظام مماثل في أوائل العام الجاري. الى جانب ذلك، توجهت شركة تاوباو، وهي فرع آخر من مجموعة علي بابا أكبر منصة للبيع بين المتسهلكين، الى هذا السوق، إذ أصدرت معلومات بشأن الهجرة في عام 2013 على أساس تحليل تغيرات عناوين التسليم.
وفقا لما ذكر مركز الصين لمعلومات شبكة الانترنت ، فقد وصل تعداد مستخدمي الانترنت المحمول إلى 500 مليون شخص ، محتلا 81 بالمئة من إجمالي مستخدمي الانترنت بنهاية العام المنصرم.
وذكر الدكتور سون فنغ اختصاصي الإحصاءات من جامعة تشينغهوا أن استخدام الهواتف المحمولة لدى معظم الصينيين يسهل جمع معلومات ضخمة وشاملة ويجعل هذا الأمر فعالا من حيث الوقت والتكلفة بالنسبة إلى شركات الانترنت .
بدوره أشار ويليام هوانغ، الخبير في مجال البيانات الكبيرة والذي يعمل في شركة صينية رائدة ولم يرغب في كشف اسم شركته، إلى أن تحليل البيانات الكبيرة يمكنه أن يصبح مربحا مع إنشاء المزيد من قواعد البيانات الكبيرة.
ولم تغمض شركات انترنت صغيرة عيونها عن القوة الكامنة لهذا السوق أيضا، حيث قال شخص ويدعى عليه ياو، وهو صاحب شركة صغيرة لمراسل شينخوا إنه طور تطبيقا للهاتف الجوال يمكن للمستخدمين من التعبير عن آرائهم حول برامج تلفزيونية شعبية، حيث يقوم فريق ياو بتحليل المعلومات ويبيع النتائج الى الجهات المهتمة بها.
وأشار ويليام هوانغ إلى أنه وبعد أن تعلم شركات الانترنت بالمعلومات حول المطاعم الأكثر جاذبية لدى مستخدمي الانترنت ، سيمكنها ترشيح أماكن مماثلة للمستخدمين عبر تطبيقات جوالة أو منتجات أخرى، كما ستجذب تلك المطاعم لنشر إعلاناتها لديها .
وهناك المزيد من الفرص التي تنمو في إدارة وتنظيم المنطقة التجارية،حيث ذكر دنغ تشونغ ليانغ، الخبير في مجال الخدمات على أساس المواقع من جامعة بكين للبريد والاتصالات الالكترونية، أن من الممكن تحسين توزيع الموارد على أساس تحليل المعلومات إذا أظهرت خريطة الهجرة أن بعض المراكز التجارية مزدحمة والأخرى فارغة .
أما بالنسبة الى تاوباو دوت كوم، فتعكس آثار أقدام مستخدم الانترنت توجهاتهم في العالم الحقيقي، فقد بينت أحدث الأرقام التي جمعها تاوباو أن بين عشرات الملايين من العمال الصينيين المتنقلين الذين يستخدمون تاوباو، فهناك نمو لتعداد الذين توجهوا الى بكين بنسبة الثلثين في عام 2013.
وفي الوقت نفسه، شهد تاوباو هجرة 1.53 مليون مستخدم الى مقاطعة قوانغدونغ جنوبي الصين، والتي تعد أكثر جاذبية بالنسبة للعمال المتنقلين.
وأضاف دنغ أن هذه المعلومات يمكن أن تساعد الحكومة في اتخاذ القرارات، مشيرا الى أن تحليلات البيانات الكبيرة تفيد المدن الكبرى مثل بكين في مجال ادارة السكان وعرض المواد ومراقبة الازدحام المروري.
غير أن هوانغ أشار الى المخاوف حول الخصوصية بشأن استخدام البيانات الكبيرة، قائلا إن المستخدمين يجب أن يقبلوا خدمات المواقع أولا قبل جمع معلوماتهم، لكن ما يقلقهم هو إذا كانت معلوماتهم ستباع من قبل شركات غير موثوقة.
وكانت إجابة بايدو لمثل هذا النقد بأن البيانات الكبيرة التي تجمعها لا تتوافق مع الهوية الشخصية الحقيقية، وبكلمة أخرى، ستركز أنظمة الجمع على الاتجاه الجماعي وليس السلوك الشخصي، الأمر الذي لن يهدد الخصوصية الشخصية.
وذكر دنغ أنه ولتخفيف القلق حول الخصوصية لا بد أن تبذل الحكومة جهدها لتحسين القوانين واللوائح المتعلقة، بجانب تعزيز الضبط الذاتي لدى الشركات .
أرسل تعليقك