بدقة عسكرية متناهية، إصطف مئات الموظفين لصناعة "أي فون" في أحد أكثر المصانع سرية في خط إنتاج هواتف "أبل" المحمولة, و كان العمال يرتدون ىسترات وردي، وقبعية شبكية زرقاء ونعال بلاستيكية ومعهم بطاقات الهوية الخاصة التي تُمسح ضوئيًا على "آي باد" عن طريق المشرف في نداء أسماء الحضور في الصباح, ووفقا لصحيفة "ديلي ميل" البريطانية، فإن العمال يشقون طريقهم بعد ذلك إلى خط التجميع، بعد الخضوع لفحوصات التعرف على الوجه في البوابات الأمنية, وتوظف شركة "بيغاترون" ما يصل إلى 50 ألف شخص لتجميع "آي فون" في مصنعها في شنغهاي، على مساحة 90 ملعب لكرة قدم.
وعند دخولهم المجمع، يجب على العمال المرور عبر أجهزة الكشف عن المعادن، المصممة للتخلص من أي كاميرا أو معدات فيديو يمكن أن تستخدم لتسريب أي تفاصيل تكنولوجية, وبعد ذلك يتسلقون الدرج الذي يحتوي على الشبكة الآمنة، لمنع وقوع حوادث أو محاولات الإنتحار، قبل الحصول على تغيير في زيهم ويصطفون لنداء الأسماء, وحتى الآن، كان يعد العمل داخل المصنع في طي الكتمان, لكن الشركتين ، لأول مرة، سمحوا لصحفي غربي في الداخل بعد مواجهة سنوات من إتهامات بأن موظفيها كان عليهم العمل لساعات مرهقة رغم تدني الأجور.
وقال محاضر في كلية "أكسفورد كيلوغ" جيني تشان، إن "حقيقة السماح لأحد الصحفيين بدخول المصنع جاءت استجابة للضغوط الخارجية، ومحاولة أن تكون أكثر شفافية, فهم على الأقل يحاولون ظاهريًا إصلاح أي شيء", فوفقًا لمراقبة العمل، فإن المرتبات الأساسية قليلة جدًا على العمال المجبرين على العمل الإضافي، فلقد كشف وظف واحد عن راتبه يقدر بـ2,020 يوان أي (230 جنيه إسترليني) شهريًا, ويُذكر أنَّ تكلفة هاتف "اي فون" في الصين تقدر بـ4,488 يوان أي (480 جنيه استرليني).
وخلال جولة مراسل شبكة "بلومبرغ" الأميركية الإخبارية، قال رئيس المرافق جون شيء، إنه تم إدخال نظام الهوية الجديدة لتحسين الكفاءة، مشيرًا إلى أن "كل ثانية يعول عليها", ولكنه أضاف أنه مسموح للشركة أيضا مراقبة عند الموظفين الذين يعملون ساعات كثيرة جدًا عن طريق إرسال رسائل مديرين آليين، إذا تعدوا الحد الأسبوعي 60 ساعة أو سجلوا في 6 أيام على التوالي.
وقال شركة "بيجاترون"،إنها تلتزم بمعايير ائتلاف المواطنة للصناعة الإلكترونية" بأن سقف العمل الإضافي يصل إلى يقرب من 80 ساعة في الشهر، في حين قالت "أبل" أن مورديها ملتزمون بمدونة السلوك الصناعي, ويعطي النظام لهم أيضا أعلى من شفافية الدخل عن طريق السماح للموظفين بالتحقق من ساعات عملهم، ودفع تكلفة السكن الشهري ونفقات الطعام في الشاشات التي تعمل باللمس في جميع أنحاء المكان.
وتم السماح بالوصول إلى المصنع بعد شكوى عائلة عامل، 26 عامًا، أنه توفى بعد 12 ساعة من العمل يوميًا. وتم العثور على العامل تيان فوليي، متوفيًا، في 3 شباط/فبراير في مهجع، يقيم فيه مع غيرهم من العمال بالقرب من شنغهاي في "بيغاترون". وتم إصدار حكم بـ"الموت المفاجئ" في المحكمة، ولكن لم يجر أي تشريح الجثة.
وقالت عائلة تيان، إنه يعمل لساعات إضافية لا هوادة فيها، وجاء موته بعد أقل من شهرين من كشف تحقيق لـ"بي بي سي" عن انهيار العمال مع ساعات العمل الطويلة, وقالت شقيقته، تيان، 25 عامًا، للصحيفة، إن شقيقها كانت صحته جيدة، وألقي باللوم على الإرهاق لوفاته. ونفت الشركة وجود صلة بين وفاة وبيئة عمله, وتسلط وفاة تيان الضوء مرة أخرى على المخاوف بشأن ظروف العمل للعاملين بأجر متواضع، لتلبية مطالب العالم من منتجات "أبل".
وأعلنت الشركة أنها حققت أكبر أرباح فصلية في تاريخ الشركات في يناير/ كانون الثاني، وأنتجت 11.8 مليار جنيه استرليني في الربع الأول من السنة المالية, وتم بيع أكثر من 74,5 مليون قطعة "أي فون" في جميع أنحاء العالم في الأشهر الثلاثة المؤدية إلى 27 كانون الأول/ديسمبر العام الماضي.
وأعطت الشركة عائلة تيان تعويضا قدره80 ألف يوان، أي ما يعادل 8,300، وكان المبلغ المقترح 15 ألف يوان (1,500) بعد ساعات الشرطة في المفاوضات, وجاء في بيان الشركة، إن "سلامة العمال والرفاه هي أهم أولوياتنا، ونحن نعمل بجد للتأكد من كل الظروف في بيغاترونتوفر بيئة عمل صحية للعاملين لدينا، فنحن نشعر بحزن عميق لفقدان تيان، الذي كان يعمل لدينا كمفتش ابصري على خط التجميع في منشأة شنغهاي ", وقالت: "نحقق حاليًا في ملابسات هذه القضية على الفور، ولم نجد أي صلة لبيئة العمل, فقدمنا الدعم والمساعدة لعائلة تيان، وتبقى أفكارنا معهم في هذا الوقت العصيب". وقال متحدث باسم قسم إمداد "أبل" ان الشركة تنظر في المطالبات المتعلقة الموت لكنها رفضت التعليق مباشرة عليها.
أرسل تعليقك