لندن - تونس اليوم
قام باحثون من جامعة "كوبنهاجن" بالدنمارك، بالتحقيق فيما حدث لنوع معين من البلازما، وهو أول مادة كانت موجودة خلال الميكروثانية الأولى من الانفجار العظيم.وتوفر النتائج التي توصلوا إليها، جزءاً من اللغز لتطور الكون، كما نعرفه اليوم.ومنذ نحو 14 مليار سنة، تغير كوننا من حالة أكثر سخونة وكثافة إلى التمدد جذرياً، وهي عملية أطلق عليها العلماء اسم "الانفجار العظيم".وعلى الرغم من أننا نعلم أن هذا التوسع السريع خلق الجسيمات والذرات والنجوم والمجرات والحياة كما نعرفها اليوم، إلا أن تفاصيل كيف حدث كل هذا لا تزال غير معروفة.وكشفت الدراسة الجديدة التي نُشرت على الإنترنت بموقع دورية "فيزيكال ليترز" عن رؤى حول كيف بدأ كل شيء.ودرس الباحثون مادة تسمى بلازما كوارك-غلوونية (Quark-Gluon Plasma)، وهي المادة الوحيدة التي كانت موجودة خلال الميكروثانية الأولى من الانفجار العظيم.وتخبر النتائج التي توصلوا لها بقصة فريدة لكيفية تطور البلازما في المرحلة المبكرة من الكون .
وقال يو تشو، أستاذ مشارك في معهد نيلز بور ب جامعة كوبنهاجن، والباحث الرئيسي بالدراسة في تقرير نشره الجمعة الموقع الإلكتروني للمعهد: "أولاً، تم فصل البلازما التي تتكون من (كواركات) و(غلوونات) عن طريق التمدد الحار للكون، ثم تم إعادة تشكيل قطع (الكوارك) إلى ما يسمى الهادرونات".وأضاف: "ويصنع الهادرون المكون من ثلاثة كواركات بروتوناً، وهو جزء من نوى ذرية، وهذه النوى هي اللبنات الأساسية التي تشكل الأرض والكون الذي يحيط بنا".
مصادم الهادرونات الكبير
وكانت بلازما كوارك-غلوونية موجودة في أول 0.000001 ثانية من الانفجار العظيم، وبعد ذلك اختفت بسبب التوسع، ولكن باستخدام مصادم الهادرونات الكبير في سويسرا، تمكن الباحثون من إعادة إنشاء هذه المسألة الأولى في التاريخ وتتبع ما حدث لها.وقال تشو: "يصطدم المصادم ببعض الأيونات من البلازما بسرعة كبيرة، تقريبًا مثل سرعة الضوء، وهذا يجعلنا قادرين على رؤية كيف تطورت بلازما كوارك-غلوونية إلى النوى في الذرات ولبنات بناء الحياة".
وبالإضافة إلى استخدام مصادم طوّر الباحثون أيضاً خوارزمية قادرة على تحليل التوسع الجماعي لعدد أكبر من الجسيمات المنتجة في وقت واحد، أكثر من أي وقت مضى، تظهر نتائجهم أن بلازما كوارك-غلوونية اعتادت أن نكون شكلاً سائلاً وأنها تميز نفسها عن غيرها من خلال تغيير شكلها باستمرار بمرور الوقت.وأضاف: "أعتقد الباحثون لفترة طويلة أن البلازما هي شكل من أشكال الغاز، لكن تحليلنا يؤكد أحدث قياس هام، حيث أظهر مصادم الهادرون أن بلازما كوارك-غلوونية، كان لها ملمس ناعم مثل الماء، وأنها غيرت شكلها بمرور الوقت، وهو أمر مفاجئ تمامًا ومختلف عن أي مادة أخرى نعرفها وما كنا نتوقعه".
وعلى الرغم من أن ما تم التوصل إليه قد يبدو وكأنه تفصيلة صغيرة، إلا أنه يقربنا خطوة واحدة من حل لغز الانفجار العظيم وكيف تطور الكون في الميكروثانية الأولى، كما يوضح تشو .وأضاف: "كل اكتشاف هو لبنة تعمل على تحسين فرصنا في اكتشاف حقيقة الانفجار العظيم، فقد استغرق الأمر منا حوالي 20 عامًا لاكتشاف أن بلازما كوارك-غلوون كانت بطلاقة قبل أن تتحول إلى هادرونات ولبنات بناء الحياة، لذلك فإن معرفتنا الجديدة بسلوك البلازما المتغير باستمرار، هي إنجاز كبير بالنسبة لنا".
أرسل تعليقك