انتقادات واسعة لـفيسبوك بسبب تدميره للعادات والتقاليد وتمزيقه للمجتمع
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

بعد أن وصل إلى صلب المهن والأعمال التجارية وسيطر على حياة الكثيرين

انتقادات واسعة لـ"فيسبوك" بسبب تدميره للعادات والتقاليد وتمزيقه للمجتمع

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - انتقادات واسعة لـ"فيسبوك" بسبب تدميره للعادات والتقاليد وتمزيقه للمجتمع

فيسبوك
واشنطن - يوسف مكي

بات مؤكداً أن وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها "فيسبوك" غيّرت الكثير من العادات والتقاليد التي كانت سائدة قبل ظهور هذه الوسائل. واستطاعت هذه الوسائل الدخول إلى العادات اليومية التي يقوم بها أي مستخدم على هذه الشبكات، وصولاً إلى صلب المهن والأعمال التجارية والصناعية، وأدت إلى تغييرات جذرية فيها خصوصاً مع انتشار الهواتف والأجهزة الذكية التي أصبحت بدورها تهيمن على حياتنا.

وهناك الكثير من الأسئلة والدراسات التي بدأت تطرح بشأن تأثير وسائل التواصل في الحياة الاجتماعية والعادات والتــقاليد الموروثة التي تنظم المجتمعات، خصوصاً أن هناك مخاوف عدة من تحول المجتمعات إلى "الفردية" وانهيار العصبية التي تساهم في تماسك المجتمع بشكل كبير. وبدأت الانتقادات لهذه المواقع بالظهور في الفترة الأخيرة، خصوصاً مع الانتقاد اللاذع الذي وجهه أحد الموظفين السابقين في "فيسبوك" تشاماث باليهابيتيا الذي انضم الى الشبكة عام 2007 وأصبح نائباً لرئيس شؤون نمو المستخدمين فيها.

واعتبر باليهابيتيا أن موقع التواصل الأشهر في العالم والذي يزيد عدد مستخدميه عن بليوني مستخدم، يمزق النسيج الاجتماعي لكيفية عمل المجتمع، إذ هناك غياب للحوار المدني والتعاون بين الأشخاص، مع وجود الكثير من الأخبار المضللة والحقائق الزائفة على هذه الشبكات، لافتاً إلى أن المشكلة ليست في تدخل روسيا في الانتخابات الأميركية أم لا، بل هي مشكلة عالمية.

ولاحظ باليهابيتيا زيادة نسبة التوتر والخلافات في علاقاته مع أصدقائه على "فيسبوك"، ما دفعه إلى ترك الموقع والعودة إلى الحياة الواقعية، داعياً إلى أخذ "فرصة" من هذه الوسائل إذا رفض المستخدم أن يكون مُبرمَجاً. ولفت إلى أن المكافآت التي يحصل عليها المستخدم بصورة "إعجاب" أو غيرها من الإشارات، تعطي شعوراً ملموساً بالكمال والتفوق، لتطغى هذه المكافآت على القيم المجتمعية والحقيقة ويتم الخلط بينها، في حين أنها شعبوية هشة تزيد من فراغ المستخدمين.

وباليهابيتيا ليس المسؤول الأول الذي ينتقد مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبر الرئيس التنفيذي الأول لموقع "فيسبوك" شين باركر، أن الموقع يعمل عن قصد لدفع المستخدمين إلى الإدمان عليه، وقد يؤدي هذا إلى تدمير المجتمع. وأضاف أن الموقع طور وسائل سرية لضمان حصوله على المعلومات الشخصية للمستخدمين من دون أن يدركوا. ولفت إلى أن الموقع يؤدي إلى تغيير العلاقة مع المجتمع وبين الأشخاص، كما يمكنه أن يغير طريقة عمل عقول الناس، خصوصاً أنه بُني على فكرة رئيسة تتمثل في كيفية استهلاك أكثر وقت ممكن من وقت المستخدم ووعيه واهتمامه.

وهذا يعني أن على الموقع إعطاء جرع من "الدوبامين" الافتراضي للمستخدمين، لحضهم على البقاء في أروقة "فيسبوك" ووسائل التواصل الاجتماعي، ما يعني أن المستخدم سيدخل دوامة من الصعب الخروج منها. ولم تقف الانتقادات عند هذا الحد، إذ انتشر تقرير مسرب أخيراً يفيد بأن "فيسبوك" يستطيع تمييز المراهقين الذين يشعرون بأنهم "عديمي القيمة أو بالتوتر أو انعدام الأمان". ووفقاً لهذه الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة "ذي أوستراليان"، فإن الشركة تستطيع مراقبة الصور والمنشورات بصورة فورية لتحديد الوقت الذي يشعر فيه المستخدم بـ "الهزيمة والتوتر والارباك والغباء والفشل والعصبية"، ما يعني أنها تستطيع التوجه إليه بإعلانات مصممة خصيصاً له نظراً إلى أن هذه الأحاسيس تُنمي بعض الرغبات الاستهلاكية.

وسبق للشركة أن واجهت انتقادات حادة عام 2014 بسبب تجربة واسعة قامت بها، مكنتها من تغيير مزاج المستخدمين. وعمدت الشركة في هذه التجربة إلى تقسيم أكثر من 689 ألف مستخدم إلى مجموعتين، عرضت لأول مجموعة منشورات أصدقائهم التي تحتوي على مشاعر إيجابية، في حين عرضت للمجموعة الثانية المنشورات التي تحتوي على مشاعر سلبية. وكل هذه التجارب تمت من دون علم المستخدمين بطبيعة الحال.

ووصلت الشركة إلى خلاصة تفيد بأن مشاهدة المستخدم المنشورات التي تحتوي على مشاعر سلبية يؤدي إلى خفض نسبة المنشورات التي ينشرها المستخدم نفسه وتحتوي على مشاعر إيجابية، والعكس صحيح. ما يعني أن المشاعر التي تتم مشاركتها من قبل الأصدقاء على وسائل التواصل، تؤثر في مزاج المستخدم ومشاعره.

وعلت الانتقادات آنذاك في شأن هذه التجربة نظراً إلى خطورتها وقدرة تأثيرها في مزاج المستخدم، إذ نشر كلاي جونسون مؤسس شركة "بلو ستايت ديجيتال" وهي الشركة التي تولت حملة الرئيس الأميركي باراك أوباما الإلكترونية، تغريدات عدة على حسابه في "تويتر" تنتقد التجربة، واعتبرها "مرعبة".

وتساءل: "هل يمكن وكالة الأمن القومي الأميركي أن تحرض على الثورة في السودان من خلال الضغط على "فيسبوك" لعرض الأخبار السلبية؟ هل يعتبر هذا قانونياً؟ هل يستطيع مارك زوكيربيرغ مؤسس فيسبوك تغيير نتائج الانتخابات من خلال الترويج لمواقع معينة قبل الانتخابات؟".

انطلاقاً من هنا، يعود الحديث مجدداً عن التلاعب في الانتخابات الأميركية الأخيرة والتدخل الروسي من خلال شراء الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي والترويج لمحتوى معين بقصد التلاعب في مزاج المستخدم، وهو أمر ليس بجديد كما اتضح مع هذه التجربة، إلا أن انعدام القوانين والروادع والنظرة التي ينظر بها "فيسبوك" إلى المستخدمين بوصفهم أدوات لصنع المال، أوصلت إلى هذه المرحلة. 

والحال أن موقع "فيسبوك" كما غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، يعاني من مشكلات عدة منها التدخل السياسي، إضافة إلى مشاكل الانتحار والعنف التي تمارس على هذه الشبكات ما دفع "فيسبوك" إلى توظيف نحو 3000 شخص إضافي لتنظيم عملية التبليغ وإبقاء الموقع "ساحة آمنة" للمستخدمين.

ولا ينكر مؤســـس "فيسبوك" وجود مشاكل في هذه المنصة، إذ تعهد على حسابه الخاص بإصلاح الموقع خلال السنة الجارية، لافتاً إلى أن الموقع حصل فيه الكثير من الأخطاء التي تستدعي تطبيق سياسات معينة للحيلولة دون إساءة استخدام أدواته"، لافتاً إلى ضرورة التركيز على "القضايا المهمة وحماية مستخدمي فيسبوك من الإساءة والكراهية، والحماية من تدخل الدول، والتأكد من أن الوقت الذي يمضي على فيسبوك يتم الانتفاع به"، وأضاف أن "التكنولوجيا تعد بوضع المزيد من السلطة في يد الناس، ولكن كثيرين من الناس فقدوا الثقة بها ويرون أنها تزيد من مركزية السلطة".

والحال، أن وسائل التواصل الاجتماعي غيرت الكثير من العادات الاجتماعية في كل المجتمعات، بدءاً من التجمعات العائلية في المنزل الواحد التي أصبحت وسائل التواصل جزءاً لا يتجزأ منها من خلال انشغال أفراد العائلة بهواتفها النقالة وتصفح وسائل التواصل، وصولاً إلى الإدمان على استعمال هذه المواقع وانتهاءً بالتأثير في أمزجة المستخدمين.

ومن المؤكد أن هناك الكثير من التأثيرات التي لم تظهر بعد إلى العلن وستظهر في وقت لاحق، خصوصاً في ظل تسليمنا شبه التام وانهزامنا أمام هذه المواقع من دون أي حسيب أو رقيب يمكنه أن يحصّل الحد الأدنى من حقوقنا منها.

 

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انتقادات واسعة لـفيسبوك بسبب تدميره للعادات والتقاليد وتمزيقه للمجتمع انتقادات واسعة لـفيسبوك بسبب تدميره للعادات والتقاليد وتمزيقه للمجتمع



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 04:19 2016 السبت ,31 كانون الأول / ديسمبر

تشيزاري برانديلي يستقيل من تدريب "فالنسيا"

GMT 17:05 2021 السبت ,16 كانون الثاني / يناير

4 طرق تمكنك لربح المال من الإنترنت

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 12:40 2013 الأربعاء ,04 أيلول / سبتمبر

"طاقة" ستعتمد نهجًا تدريجيًا لتطوير حقل "أتروش"

GMT 08:43 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

روسيا تزود تونس بدفعة أولى من اللقاح في نهاية شهر

GMT 08:23 2017 الإثنين ,25 كانون الأول / ديسمبر

ديتوكس العلاقات

GMT 08:22 2019 الإثنين ,18 آذار/ مارس

ملابس وأكسسوارات من إصدارات ربيع وصيف 2019

GMT 10:48 2021 الأحد ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الجبس في ديكورات الأسقف يعكس الفخامة والكلاسيكيّة

GMT 09:12 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

أجمل الأماكن السياحية بمدينة "سيدي بو سعيد" في تونس

GMT 10:43 2019 الثلاثاء ,18 حزيران / يونيو

وليد العوض يعلق على تأجيل إعلان صفقة القرن

GMT 16:45 2021 السبت ,30 كانون الثاني / يناير

أتلتيكو مدريد يعلن إصابة نجميه بفيروس كورونا
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia