القاهرة ـ العرب اليوم
أثبتت أبحاث علميّة وإحصاءات مؤكّدة أن الآباء الذين يغسلون الأطباق في المنزل يربّون فتيات طموحات وناجحات في الحياة. فهيّا أيها الأب شمّر عن ساعديك وقم ببعض الأعمال المنزليّة لتتفوق ابنتك في دراستها وتحقق مراتب عليا في المستقبل. إنها دراسة غريبة! فما هو الرابط ما بين الأب الذي يساهم في الأعمال المنزلية وطموح ابنته بالتحديد؟ اقرأ يا بابا قبل أن تقرّر أن هذا المقال لا يعنيك وأنك لن تجلي الصحون الليلة
ولن تنشر الغسيل ولن تتزحزح من مكانك أمام التلفزيون!!!
اطلعت اليوم على دراسة حديثة أجرتها جامعة كولومبيا البريطانية ثبت بنتيجتها أن الآباء اللذين يقومون بغسل الأطباق وبأعمال منزليّة أخرى يساهمون في تربية فتيات أكثر طموحاً من أولئك اللذين يؤدّون أدواراً ذكوريّة تقليديّة تاركين واجبات المنزل لنساء البيت.
لكن قبل تفسير هذه الظاهرة، علينا أن نعترف بوجود "نقص في الطموح عند النساء". فالنساء لا يصلن إلى الأدوار التنفيذيّة بسهولة كالرجال. وبالطبع هذا ليس بسبب نقص في المؤهلات الفكرية والعلميّة ولا زهد بالمناصب الرفيعة، بل لأن مجتمعاتنا غير مؤهّلة لإعداد فتيات لهذا النوع من النجاح.
إن رؤية الفتاة الصغيرة لوالدها يقوم بأعمال غير تقليديّة، أي لم يكن تاريخياً يقوم بها، يجعل عقلها يتحرّر منذ نعومة أظافرها من التعليب الفكري المرتبط بتقاليد بالية، أو على الأقل أصبحت الآن باليّة. إن مساهمة الوالد في الأعمال المنزليّة يجعل موقف ابنته من المسائل الجندريّة تتشكّل بطريقة إيجابيّة حيث لا أفكار معلّبة ولا صور نمطيّة.
يغفل معظم الأهل عن تأثير أفعالهم في أولادهم. سيّداتي سادتي، إن أولادكم يراقبونكم طوال الوقت. نعم أنتم تحت المراقبة. كل موقف تتخذونه، كلّ عمل تقومون به، كلّ إيماءة جسدية أو نظرة "سِمّاوية" محسوبة عليكم. كلامكم يدخل آذانهم ويخرج منها كماء أحواض السباحة. ليس الكلام ما يعلّم في وجدانهم بل الفعل. لا يكفي إذاً يها الأب أن تتكلّم عن المساواة بل ينبغي أن تجسّدها في سلوكك ضمن إطارك العائلي.
حين تطبخ سيدي أو تساعد في ترتيب المنزل سترى فيك ابنتك مثال الشريك الحقيقي في الحياة وستعلم أن لا شيء يمنعها من أن تسعى نحو الأعلى وأن المسؤوليات المنزلية من تنظيف وترتيب وتربية للأولاد وتسوّق والقيام بالواجبات العائلية ليست شيئاً يمكن أن يمنعها مستقبلاً من أن تتطوّر وتحلم وتحقق أحلامها. هذا لا هني بالطبع أن الفتيات لا يتقن إلى رؤية والدهنّ في صورة الرجل الناجح مهنياً واجتماعياً. فلا تناقض إذاً بين المساهمة المنزليّة والمرتبة المهنية والاحتماعية. فسواء أكنت رئيس جمهوريّة أو عاملاً بسيطاً المطلوب واحد!
ابنتك سيدي ستكبر لتكون امرأة ناضجة متكاملة واثقة من نفسها ومن الرجل في حياتها. وبما أنك الرجل الأول في حياتها ومثالها الأعلى ستسعى للارتباط بشخص مثلك. فهل ترضى لها بأقل من الحب الذي منحته لها أنت ومن الدعم الذي وفّرته لها أنت والقيمة الذاتية التي غرستها في نفسها؟
تأثير الوالد المساهم في الأعمال المنزليّة ليس إيجابياً في الابنة فحسب بل في الابن أيضاً. إن ما نراه اليوم في مجتمعاتنا من ذكوريّة طافحة ونظام بطريركيّ ساحق هو قرار اتخذه الرجال بأن هذا يصحّ وذاك لا، وفقاً لمصلحة الرجل. لكن أما كفانا ذكور من حولنا؟ أما آن لنا أن نرى الوجه الحقيقي للرجل الرجل. ومسؤولية من هذه؟ إنها مهمّة التربية.
أرسل تعليقك