الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

نهلت مذكّراتِها من حياتها الشخصيّة والعائليّة

الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب "أشياء كنتُ ساكتة عنها"

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب "أشياء كنتُ ساكتة عنها"

الكاتبة الإيرانية آذر نفيسي
طهران ـ العرب اليوم

تميّزت الكاتبة الإيرانية آذر نفيسي منذ روايتها الممتعة "أن تقرأ لوليتا في طهران" بأسلوبها السردي السلس الذي تستعيده في مذكراتها اليومية "أشياء كنت ساكتة عنها" (دار الجمل، ترجمة علي عبد الأمير صالح)، ونهلت الكاتبة موارد مذكراتها وروافدها من حياتها الشخصية والعائلية المفعمة بالأحداث والمعاناة والأحلام المجهضة في مرحلة حاسمة ومضطربة في بلدها الذي شهد نهاية حقبة الملكية، وبداية حقبة الثورة الإيرانية، وما تركته من أثر على حياة عائلتها البورجوازية ذات المكانة الرفيعة، فوالدها كان يتقلّد منصب محافظ طهران الذي أهّله لأن يكون على دراية بما كان يحيط بحاشية الشاه محمد رضا بهلوي، من وشاية ودسائس.
لكن الكاتبة التي روت ظروف اعتقال أبيها ما قبل الثورة ومحنته في السجن لم تدوّن التاريخ الحديث لإيران وتحوّلاته السياسية والاجتماعية إلاّ من خلال عينها وهواجسها، وفي هذا المقام تقف طويلاً عند تجربتها من الحكم الديني الذي استولى على مقاليد السلطة، وحاول اقتلاعها مثل سائر النساء من وضعيتها الانسانية، وثقافتها العلمانية التي نشأت عليها، وتطبيعها بثقافة دينية متزمنة.
وقاربت آذر نفيسي الماضي بوصفه فجوات يجب رتقها، لذلك غطّت سيرتها بالوقائع والذكريات والمرويات، كما بالمتخيل والموهوم والقصص المخترعة في طفولتها، بتأثير من حياتها في كنف عائلة مثقفة ومولعة بقراءة الروايات.
وما يميّز الكتاب هو الحكي الذي سكتت عنه في روايتها الأولى، فالتحريم الذي ضُرب على الكثير من الشؤون الشخصية وعلى حرية التفكير والتعبير إبان الثورة الإسلامية، هو الذي أرغمها في كتابها السابق على ان تتبنى التورية والتلميح وكل طرائق التملص من عيون رقباء الفضيلة الكثر.
ولعلّ فضاء الغرب الذي تعيش في ظله الآن أطلق العنان لنفسها وقلمها، وشجعها على البوح بما أُجبرت على أن تصمت عنه سابقاً من أحداث عامة ومواقف شخصية.
ورسمت الكاتبة في يومياتها الخطوط المتقاطعة بين السيرة الشخصية والسرد التاريخي العام، وإذا كانت تناولت في "أن تقرأ لوليتا في طهران" حقبة الثورة الإسلامية وما اعقبها من أحداث، ففي "أشياء كنت ساكتة عنها" تعود إلى الفترة التي سبقت الثورة وإرهاصاتها الأولى.
واستعادت أجواء عائلتها من مخطوطة تركها والدها لها، كان قد كتم بعض أسرارها في سيرته الذاتية التي كان قد طبعها في حياته، سيرة تمثل أباً نشيطاً ومثابراً وطموحاً منذ شبابه، وذا أهواء نسائية، وزوجة متعالية كانت تُغطي احساسها بالخيبة، بادعاء ان الدهر ظلمها وأضاع عليها الفرص.
وانطوى كتاب نفيسي على صور فوتوغرافية من الماضي بهتت ألوانها، تقرأ فيها المؤلفة ملامح أصحابها وأبعادها النفسية وانطباعاتها عن ظروف تصويرها، وتكشف خفايا العلاقة المثلثة بينها وبين أمها وأبيها.
وذكَرَت نفيسي نزوات أمٍ عاشت وهي تصنع روايتها الشخصية التي تسردها على مسامع البنت التي كانتها آذر نفيسي، هي رواية منسوجة من خيالات الأم وهواجسها وشعورها بتفوق موهوم.
وحاولت نفيسي في ما بعد، من دون جدوى، ان تتملص من أحابيل سردها ومن محاولة التفريق بين الخيط الواقعي والخيط المتخيل المتواشجين في لحمة واحدة، ولم تكن رواية الأم عن نفسها تكمن في ما قالته، بل في ما أهملته، وكانت الأم تحوّل التاريخ إلى فانتازيا، وتزيد بذلك من ضبابية صورتها وغموضها في ذهن البنت، وتدفعها الى عقد حلف مضمر مع والدها الذي تزداد إعجاباً بنجوميته، ضد تسلط الأم المزعوم.
وأكّدت نفيسي ان نزوات أمها جعلتها في طفولتها تلوذ إلى عالم اكثر حرية، هو العالم المتخيل المبتكر الذي سبق لأبيها أن وطّد طريقه لتنفذ اليه، عبر اختلاق القصص الملفقة او المستوحاة من التاريخ الايراني التي كان يسردها على مسامعها، طريق تحول في حياة الكاتبة مع انقضاء الأيام إلى شغف بالرواية، وكانت الروايات منبع استلهاماتها التي تصنع من خيوطها عالمها السري الذاتي، وقد حملت هذا العالم كما وصفته بدقة وتفصيل في كتابها "أن تقرأ لوليتا في طهران" إلى طالباتها في الجامعة.
وكان العالَم المتخيّل مختلفاً ومدهشاً مقارنة بذلك العالم الذي كانت تعيش فيه، وتعلمت ان ما وهبها إياه ابوها من خلال قصصه خطّ حدوداً لا مرئية تصنع منها وطناً غير الوطن الذي فرضه المتشددون الثوريون، وطناً لا يعتمد على الجغرافية او القومية، ولا يقدر احد أن ينتزعه منها.
بيد أن الهاجس الذي ما فتئ يلاحق الكاتبة هو هاجس وضعية المرأة في بلدها طوال الحقب السياسية والاجتماعية التي توالت عليه، منذ عهد جدّتها التي شهدت الثورة الدستورية العام 1905، وما حققته من تقدم نوعي في حياة المرأة الايرانية، وبعدها الأم التي انتُخبت نائبة في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وحقبة الكاتبة التي شبّت في عهد الثورة التي أرغمتها وأرغمت نساء ايران على العودة الى قوانين قهر المرأة، وكانت قصائد فروغ فرخزاد الجريئة معينها لمواجهة السلطة الدينية الجديدة التي تحاول أن تنتزع منها حريتها.
وتبلور وعي الكاتبة الوجداني والسياسي برجوعها الدائم الى "الشاهنامة"، ملحمة الفردوسي، ال

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها الإيرانيّة آذر نفيسي تكتب أشياء كنتُ ساكتة عنها



GMT 20:09 2021 الأحد ,12 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "فوربس" لأقوى السيدات في عام 2021

GMT 17:42 2021 الأربعاء ,08 كانون الأول / ديسمبر

أنجيلا ميركل تُودع رسمياً الحياة السياسية بشكل نهائي

GMT 10:11 2021 الثلاثاء ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

إنتخاب التونسية أريج القربي مستشارة بلدية في مدينة مونتريال

GMT 09:00 2021 الأحد ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

عبير موسي تدعو إلى حلّ البرلمان وتحديد تاريخ للانتخابات

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 08:55 2021 الأربعاء ,10 شباط / فبراير

آخر مستجدات ملف البنك الفرنسي التونسي

GMT 10:17 2018 الإثنين ,15 تشرين الأول / أكتوبر

اختفاء خاشقجي والحقيقة وتصفية الحسابات

GMT 14:35 2016 الخميس ,04 شباط / فبراير

اقتراح علمي لمكافحة الإرهاب والصراع

GMT 11:54 2021 الأربعاء ,22 أيلول / سبتمبر

حقل نفطي جديد يدخل حيز الإنتاج في قبلي التونسية

GMT 06:19 2017 السبت ,24 حزيران / يونيو

"Transformers 5" يشعل البوكس أوفيس بـ 15 مليون دولار

GMT 20:48 2021 الخميس ,12 آب / أغسطس

موديلات متنوعة من أحذية الشاطئ هذا الصيف
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia