نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز

نساء على أرصفة صنعاء
صنعاء - العرب اليوم

الله يرزقك، ويجزيك الخير ساعدنا، الله يطيل بعمرك ويحفظ لك أولادك، أعطني عشرة ريالات" بهذه العبارات والدعوات الاستعطافية استوقفتنا الفتاة (سهام . م )19 عاماً، والتي تعودت أن ترتاد كل يوم أحد أسواق القات الشعبية في العاصمة اليمنية صنعاء، وتزاحم الرجال وتطلب منهم المساعدة.

لا تتذكر سهام الفترة التي بدأت تخرج فيها إلى الشارع لطلب التصدق، وكيف تشكلت قناعتها بأن تكون"شحاتة"، فهي لم تفكر في المدرسة لأنها منذ طفولتها تعيش يتيمة الأبوين، خصوصاً بعد أن فقدت جدتها التي تولت مسؤولية تربيتها منذ أن ماتت أمها وغادر والدها مع زوجته الثانية، ولم تعرف عنه أي شيء.

سهام مجرد مثالٍ بسيط على مئات الفتيات اليمنيات اللاتي اتخذن من التسوّل مهنة للتكسب وجمع المال، وتختلف أساليب الاستعطاف بالنسبة لكل واحدة منهن، وذلك بحسب جرأتها وقدرتها على مقارعة الرجال والمارة في الشارع.

ويشكو أنور من تجاوز بعض الفتيات أحياناً الأسلوب العادي طلب المساعدة، الأمر الذي يعرضه للحرج أمام زبائنه في أكثر الأوقات، ويشير إلى أن الأمور تصل أحياناً إلى الحدّ الذي تتعلق فيه الفتيات على أبواب السيارات ولا تقبل بالنزول إلا بعد أن تأخذ مبلغ مساعدة، ولافتاً إلى أن بعضهن تهمس لصاحب السيارة بأرق العبارات الممزوجة بالمشاعر واللطف، كأن تقول له مثلاً "أنا أفدي قلبك حبيبي ساعدني".

لم تعد الحاجة الماسة، هي من تدفع الفتيات والنساء اليمنيات إلى الخروج للشارع، ولكن هناك ما هو أبعد من ذلك، وتكشف الشابة سهام في سياق حديثها إلينا بأنها تعرف الكثيرات من قريناتها اللواتي يتعاملن مع أناس غير معروفين، يعملون سماسرة ورجال عصابات، ولديهم مجموعات من أطفال الشوارع والفتيات الصغيرات، ومهمتهم جمع المال من الأماكن التي يختارونها لهم، كل يوم، ويقومون بتوزيعهم في سياراتهم ويعملون بالأجر اليومي، وتكتفي سهام بهذا القدر من المعلومات.

استغلال وابتزاز
الطفلة أماني (15 عاماً) وهي من فئة المهمشين، أو ما يطلق عليهم "الأخدام"، وهي نموذج لفئة أخرى تتعرض للاستغلال، تقضي كل وقتها في الشوارع ليس لديها منزل، وتسكن حيث يسكن الأخدام في خيم بسيطة على جسر السائلة في منطقة الحصبة وسط العاصمة صنعاء، هو المكان المخصص لهم.

في العادة لا يسأل عنها والدها الذي يعمل منظفاً للسيارات، بينما تكتفي والدتها بتدريبها وتعليمها مهنة الاعتماد على النفس والعيش على طلب المساعدات كمتسولة، حتى الساعة الثامنة والنصف مساءً، وهو الوقت الذي صادفناها فيه وكانت تمازح أحد الشباب، وعندما سألناها عن السبب رددت: "وعدني، يعطيني فلوس بالأمس، والآن رفض، لقد خدعني".

هذه الخديعة التي تتحدث عنها أماني تقود إلى خيوط وتفاصيل المشكلة الحقيقة، والتي تعاني منها ريم محمد، بعد أن اضطرت إلى حمل أطفالها الثلاثة والخروج إلى الرصيف علّها تجد من ينقذ حياتهم ويساعدها. وذكرت لـ"العربي الجديد" بأن زوجها مصاب بمرض نفسي، بينما وجدت نفسها عاجزة عن دفع حتى إيجار المنزل، ولا تخفي مصادفتها كل يوم عشرات القصص التي تزعجها والمتعلقة بالفتيات اللواتي تعرفت إليهن خلال الأيام الأخيرة.

تتابع ريم حديثها بنوع من التحفظ، وتوضح، أن الفتيات اللواتي يجلسن معها في الأغلب على بوابة أحد المصارف الخاصة في صنعاء، يتعرضن للابتزاز والتحرش الجنسي من الجميع، وتضيف "أعرف واحدة منهن لم تعد تشعر بخصوصيتها كأنثى، بعد أن تلاشت أحلامها بالزواج والاستقرار".

كثيرة هي تفاصيل الحقائق المؤلمة التي تعاني منها نساء التسول في اليمن، والتي وصلت خلال الفترة الأخيرة إلى حدّ الممارسات التي تنتهك إنسانيتهن، ولا تمت للأنوثة بصلة، وأبرزها العنف الجسدي والمنزلي، يحدث ذلك أحياناً بدعوى الأدب والحشمة. 
أسباب ومشاكل
يشير أحد خبراء الاجتماع، في جامعة صنعاء، إلى أن العنف يعتبر من أبرز الأسباب التي تدفع النساء في هذا الاتجاه، وتشير نتائج الدراسات الحديثة عن ظاهرة العنف الأسري في المجتمع اليمني إلى أن نسبة النساء اللاتي يعانين العنف من الزوج أو أحد أفراد الأسرة الذكور مرتفعة. وتتعرض 67 في المئة من النساء للعنف من أزواجهن، و30 في المئة من إخوانهن الذكور، و17 في المئة من الوالدين. كما بينت الدراسة أن 57 في المئة يتعرضن للعنف لأكثر من خمس مرات خلال أربعة أشهر، وأن 53 في المئة من عينة الدراسة تعرضن للعنف الجسدي، ويأتي في المرتبة الثانية العنف النفسي بالألفاظ النابية والتجريح
وفي دراسة أخرى أُجريت على عينة من مئة امرأة ورجل في العاصمة صنعاء عن العنف المُمَارس ضد المرأة في الشارع، أثبتت أن المرأة تتعرض في الشارع اليمني لأشكال العنف النفسي (المعاكسة والتحرش) بصورة أكبر من أشكال العنف المادي.

وفي ظل التوتر والصراع السياسي وتعقد المشهد اليمني، تبدي النساء اليمنيات، اللواتي لا يعولن على منظمات المجتمع المدني، قلقهن من تضاعف معاناة المرأة التي تدفع ثمن الحروب ونتائجها بالدرجة الأساسية، خصوصاً تلك التي يقتل زوجها، وتقضي ما تبقى من حياتها وأطفالها، ثكلى وحيدة وفقيرة.

في المقابل، تفيد أستاذة الصحافة في كلية الإعلام في جامعة صنعاء، صباح الخيشني، لـ"العربي الجديد" بأن تسول النساء في الشوارع، ليست المشكلة الوحيدة للأسرة اليمنية التي تفاقمت مظاهرها في المدن اليمنية خلال الأيام الأخيرة، بقدر ما هناك تزايد في شريحة الأطفال المتسولين، واختفاء الطبقة المتوسطة الدخل.

ويبقى السؤال الذي يتبادر لدى الدكتورة الخيشني، ليس عن السبب والمسبب، بل عن مئات المنظمات التي تدّعي مناصرة المرأة والطفل والتعاطف مع قضاياهما؟ وكما تعتبر دور مثل هذه المنظمات مهماً جدّاً في مثل هكذا أوضاع، لكن ما هو حاصل أنها غابت تماماً عن المشهد، والتي أبرزها مشهد قتل النساء وانتهاك حقوقهن، ومشهد تشردهن وانضمامهن إلى شريحة المتسولين، وأيضاً قتل أطفالهن أو اختطاف رجالهن أو حتى اختطافهن.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز نساء على أرصفة صنعاء عرضة للتحرش والابتزاز



GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 17:04 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 15:20 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تمهل لكنك لن تهمل

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 14:52 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 13:46 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الثور الخميس 29-10-2020

GMT 18:06 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

كن هادئاً وصبوراً لتصل في النهاية إلى ما تصبو إليه

GMT 18:37 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 09:37 2020 السبت ,26 كانون الأول / ديسمبر

إليك وجهات سياحية رخيصة يمكن السفر إليها في بداية العام

GMT 12:22 2019 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

تعاني من ظروف مخيّبة للآمال

GMT 22:42 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

هاني شاكر يشارك جمهوره أول أغنية له في 2021 "كيف بتنسى"
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia