طبيبة مغربية تُخاطر بحياتها لإنقاذ مهاجرين أفارقة
آخر تحديث GMT07:39:41
 تونس اليوم -

طبيبة مغربية تُخاطر بحياتها لإنقاذ مهاجرين أفارقة

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - طبيبة مغربية تُخاطر بحياتها لإنقاذ مهاجرين أفارقة

طبيبة مغربية رجاء مارصو
الرباط - العرب اليوم

رجاء مارصو أو "ماما حاجّة" كما يناديها مهاجرون أفارقة، طبيبة مغربية تخصص حيزا هاما من وقتها لإغاثة وعلاج مهاجرين غير شرعيين في مناطق وعرة على الحدود بين المغرب وأوروبا، مُتحدِّية المخاطر ومنع السلطات.

يتَتبَّعون خطواتها بنظرات مليئة بالتقدير والاحترام، أما هي فلا تُفارقُهم حتى تضع البلسم الشافي على جروحهم وأجسادهم العليلة والهزيلة، فَهُم مهاجرون قادمون من وراء الصحراء الكبرى بالقارة الإفريقية، وهي طبيبة مغربية شابة نذرت وقتها ومهنتها لخدمة شباب قصدوا المغرب رغبة في العبور نحو إحدى دول "الفردوس" الموعود بأوروبا.

وبما أنها تعشق ما تقوم به، لا تخشى الطبيبة رجاء مارصو التوجه صوب غابة "بليونش" الحدودية بين المغرب ومدينة سبتة الخاضعة للنفوذ الإسباني، إحدى المناطق الخطيرة شمال المملكة المغربية، غير مبالية بالمخاطر التي قد تتعرض لها، كل غايتها، كما تقول، لقاء مهاجرين غير شرعيين يعانون الجوع والعطش وأمراضا لا حَصر لها.

يتفرقون على مجموعات صغيرة على طول الطريق الرابطة بين مدينتي "الفنيدق" و"القصر الصغير"المغربيتين، كل ما يفعلونه تحت أشعة الشمس أو الأمطار هو الانتظار الطويل وتسوُّل بعض الدراهم أو الحصول على قليل من الأكل يسُدُّون به الرَّمق هربا من جوعٍ قد يمتد إلى خمسة أيام.

تعود رجاء إلى شهر يناير/ كانون الثاني عام 2014، وبالضبط حين توجَّهت لأول مرة صوب الغابة المخيفة التي يتخذها مئات المهاجرين السريين المنحدرين من دول إفريقية عديدة ملجأ لهم، حجمُ المفاجأة كان كبيرا على الطبيبة التي لم تكن تتوقع هذا الحجم من البؤس والظروف المزرية التي كانت واقعا معاشا لمهاجرين أغلبهم من الشباب.

"ملابس مُمزقة وبالية وأقدام حافية، جوع وعطش والكثير من الأمراض والإصابات"، تقول رجاء مارصو لـ DW عربية، أوضاع دفعت المتحدثة إلى اتخاذ قرار سريع وجِدي بالتفرغ لتقديم يد المساعدة للمهاجرين وتوفير احتياجاتهم، وقَبْلها تطبيب مرضاهم ومداواة الجرحى والمصابين منهم، وهو ما حدث بالفعل.

ثلاث سنوات ونيف، قضتها الطبيبة الشابة في التنقل صوب غابة "بليونش" كل نهاية أسبوع مرفوقة بأعضاء جمعية "الأيادي المتضامنة" التي تشغل منصب نائبة رئيسها، "قد يكون من الغريب التصرف هكذا، لكنني كنت أكشِف على مرضايَ من المهاجرين غير الشرعيين داخل السيارة أو في أي مكان وسط الغابة، أصطحب معي عُدَّتي ومِبضعي والأدوية التي أحتاجها".

مغامرة وصراع
وسط مكان غير مأهول إلا من مئات المهاجرين السريين، تكون الطبيبة والناشطة في المجتمع المدني، أول طبيبة مغربية تتوجه إلى الغابة لتقديم خدمات علاجية لأشخاص غرباء عنها تماما، وفوق كل هذا مرعوبين من أن يتم القبض عليهم في أي وقت ثم تسليمهم للسلطات التي تقف لهم بالمرصاد، ما يجعلهم فاقدين للثقة في كل الأشخاص من حولهم.

لا تنفي مارصو أن ما تقوم به مغامرة غير محسوبة المخاطر، "حين شاهدت ما هم عليه وخيامهم البلاستيكية الممزقة وإصابات بعضهم البليغة، قررت أنه لا يمكنني التَّخلي عنهم"، مستطردة بالقول لـ DW عربية المجال صعب ويلزمه عزيمة قوية وهو ما جعلني أكسب ثقة المهاجرين فلم أتعرض يوما لأي اعتداء أو هجوم من طرفهم ولا أتوقع ذلك.

الهجوم المحتمل من طرف المهاجرين ليس كل ما يشغل بال رجاء عند توجهها صوب غابة "بليونش". أما الصراع مع رجال الأمن المغربي فهو بالنسبة للطبيبة وطاقمها شِقٌّ آخر يحُول دون استفادة المرضى من الخدمات الصحية ومن المساعدات الإنسانية، "لطالما مُنعنا من الاقتراب منهم أو مساعدتهم، ندخل في مُشادّات كلامية مع رجال الأمن، يُهددون الأطباء ونشطاء المجتمع المدني، يُطوِّقوننا ويوقفوننا عن العمل".

وبالرغم من اعتماد الحكومة المغربية لاستراتيجية جديدة في مجال الهجرة واللجوء عام 2014، تقوم على إدارة تدفق المهاجرين وتسهيل اندماج المهاجرين الشرعيين، إضافة إلى محاربة الاتجار في البشر، وإحداث مؤسسة خاصة بالهجرة، إلا أن النظرة الأمنية المنتهجة تحول دون تحقيق نتائج إيجابية، تقول المتحدثة لـ DW عربية.

نظرات الامتنان والعرفان غير خافية، فكلما تحركت تجاههم الطبيبة أو حدّثت أحدهم إلا وأصغى إليها ورمقها بكل احترام وتقدير، عند سؤال DW عربية لمهاجر إفريقي من النيجر عن الطبيبة رجاء أجاب: "أعرفها باسم "ماما حاجّة" وهكذا يناديها كل المهاجرين، إنها حقا بمثابة الأم والأخت بالنسبة لنا" يقول "آدال" البالغ من العمر 30 سنة.

بابتسامة عريضة يتذكر الشاب أول عهده بمُسعِفة المهاجرين، "كنت مريضا جدا، اهتمت بي وفحصتني ومدتني بالدواء، لقد أنقذت حياتي وأنا مدين لها بالكثير، فهي دائما هنا تدعمنا وتقدم لنا المساعدة وتسمع لحكاياتنا، أثق بها كثيرا".

لم يكن "آدال" المهاجر الوحيد الذي أنقذت الطبيبة المغربية حياته، إذ تُشرف رجاء مارصو على مرافقة عدد من ذوي الإصابات الخطيرة طيلة فترة التطبيب، يصابون بها عند محاولة العبور نحو مدينة سبتة المحتلة واجتِياز السياج الحدودي والقفز منه، ما يُعرضهم لكسور وجروح خطيرة، كانت لتؤدي إلى بتر الأطراف لولا التدخل الطبي اللازم، فيما تبقى الالتهابات الرئوية وأمراض الجهاز الهضمي والأمراض الجلدية أكثر الأمراض شيوعا بينهم.

طبيبة وأمٌّ وناشطة في المجتمع المدني
بالرغم من اشتغالها بدوام كامل داخل إحدى المستشفيات التابعة لوزارة الصحة المغربية، ونشاطها الدؤوب في المجتمع المدني، تُخصص الطبيبة والأم لطفلتين 11 سنة و6 سنوات، يومين أسبوعيا لاستقبال المهاجرين المرضى داخل مقر الجمعية وتقديم فحوصات طبية مجانية لهم، تتنقل صوب الغابة أو نحو المستشفى حيث يُستقبل مهاجرون، وتقود قوافل طبية محلية لفائدة الفقراء المغاربة بجبال منطقة شمال البلاد.

مجهودات وتطلع للاستمرار في العمل التطوعي، ما كانت لتُحقق منها شيئا لولا دعم الأسرة والعائلة، وفق الطبيبة رجاء التي تذكرت بكثير من الشَّجن تشجيع والدها المُتوفى منذ أربعة أشهر، وتضحيته بالوقت والجهد لرعاية طفلتيها سانحا لها فرصة إغاثة "هؤلاء المُستضعفين".

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

طبيبة مغربية تُخاطر بحياتها لإنقاذ مهاجرين أفارقة طبيبة مغربية تُخاطر بحياتها لإنقاذ مهاجرين أفارقة



GMT 14:16 2021 الأحد ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

وزارة المرأة التونسية تُحصي 600 فضاء عشوائي للطفولة

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 19:18 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 17:58 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك

GMT 15:59 2019 الأربعاء ,01 أيار / مايو

تواجهك عراقيل لكن الحظ حليفك وتتخطاها بالصبر

GMT 14:26 2020 الخميس ,24 أيلول / سبتمبر

حظك اليوم برج الحوت الخميس29-10-2020

GMT 16:52 2021 الجمعة ,01 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 13:25 2020 الثلاثاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

توقف تصوير فيلم «كيرا والجن» لـ«أحمد عز»

GMT 06:30 2020 السبت ,26 أيلول / سبتمبر

المشيشي في زيارة مرتقبة لولاية قبلي

GMT 23:54 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

أفضل غسول للوجه حسب نوع البشرة

GMT 10:17 2020 الإثنين ,14 كانون الأول / ديسمبر

حصن الشارقة المهيب تجربة سياحية استثنائية في قلب الإمارة

GMT 19:23 2021 الإثنين ,01 شباط / فبراير

أجواء إيجابية لطرح مشاريع تطوير قدراتك العملية

GMT 18:41 2016 الخميس ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ظافر العابدين يتحدث عن"السينما العربية" على المستوى الدولي

GMT 06:36 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

إعصار قوي يجتاح الفلبين ويشرّد أكثر من 120 ألف شخص

GMT 13:41 2018 الأربعاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

"بتكوين" ترتفع 6% متجهة صوب أفضل أداء يومي منذ 4 أشهر

GMT 10:50 2020 الأحد ,29 تشرين الثاني / نوفمبر

"أودي" تُعلن عن نسخة حديثة من سيارتها "أر 8" لعام 2011

GMT 17:55 2016 الخميس ,18 شباط / فبراير

فساتين سهرة شربل كرم ربيع 2016 مفعمة بالحيوية

GMT 12:22 2021 الخميس ,14 كانون الثاني / يناير

أغلى منزل في العالم معروض للبيع والسعر "جنوني"

GMT 10:00 2021 الإثنين ,11 كانون الثاني / يناير

تعرف على تأثير كانييه ويست على إطلالات كيم كارداشيان
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia