مكسيكو ـ أ.ف.ب
في مناطق عدة من المكسيك حيث تضطر الصحافة الى التزام الصمت خوفا من انتقام عصابات الجريمة المنظمة، يعيش عدد من الصحافيين في بلادهم حياة تشبه المنفى، في ظل انكفاء السلطات عن حمايتهم.
لويس كاردونا صحافي من شمال المكسيك خطفته مجموعة مسلحة في 19 ايلول/سبتمبر 2012، وذلك بعد نشره تقريرا عن اعمال خطف تجري في قرية في المنطقة.
ويروي هذا الصحافي لوكالة فرانس برس "اعددت تقريرا عن 15 عملية خطف وقعت في قرية نويفو كاساس غرانيس، في منطقة تنشط فيها زراعة المخدرات وتهريبها الى الولايات المتحدة".
بعد ذلك قامت مجموعة من الرجال بخطفه، وتعرض للضرب فيما كان الخاطفون يكيلون له الشتائم.
ويروي ان الخاطفين ضربوه بعصا على كافة انحاء جسمه، ثم جلدوه حتى اسالوا دمه، ثم استل احدهم مسدسه وجهزه لاطلاق النار، كما لو انهم سيعدمونه على الفور...لكنهم لم يفعلوا ذلك، بل القوه على جانب الطريق وهددوه بالقتل في حال تقدم بشكوى للسلطات.
وجرى هذا اللقاء بين مراسل فرانس برس ولويس عبر الهاتف، من مكان لم يحدده.
وتترافق اعمال العنف والجريمة المنظمة التي تشهدها المكسيك مع موجة من الاعتداءات على الصحافيين قتلا وخطفا، وقد بدأت هذه الظاهرة في شمال البلاد قبل ان تنتقل الى اماكن اخرى.
في العام 2000، قتل ما لا يقل عن 86 صحافيا وفقد اثر 18 آخرين. ولم تتوصل التحقيقات الى شيء يذكر، بحسب ما تقول منظمة مراسلون بلا حدود.
قبل عام، في اليوم العالمي لحرية الصحافة في الثالث من ايار/مايو، عثر على ثلاثة مصورين صحافيين وموظفة في صحيفة قتلى وقد شوهت جثثهم، في ولاية فيراكروز. سبق ذلك بأسبوع العثور على جثة مراسل صحيفة اسبوعية مقتولا ايضا، وبعد ذلك بستة اسابيع عثر على جثة رئيس تحرير موقع الكتروني متخصص باخبار الجريمة المنظمة.
واليوم، يعيش لويس متخفيا ومطبقا بشكل دقيق لبروتوكول السلامة الذي علمته ايامه منظمة "آرتيكل 19" المعنية بالدفاع عن الصحافيين والتي تتخذ في لندن مقرا لها.
وما زال لويس يمارس العمل الصحافي، ولكنه يتخذ اسما مستعارا يراسل به موقعا اميركيا.
ايميليو (اسم مستعار) صحافي تعرض للخطف ايضا بسبب ما يكتب، لكنه يتعبر نفسه محظوظا، اذ ان زملاء له "قتلوا فقط بسبب ما يعرفون من معلومات".
وفي اليوم الذي عثر فيه على احد زملاء ايميليو مقطعا اربا وموضوعا في كيس اسود، تلقى هو اتصالا قيل له فيه انه سيقتل، بحسب ما يروي لمراسل فرانس برس في احدى مقاهي العاصمة مكسيكو.
وبعد خطف احد زملائه ايضا، والتحذير بالكف عن نشر المعلومات عن عصابات الجريمة المنظمة "قررنا ان نكتفي بما يأتينا من بيانات رسمية من السلطات".
وبحسب منظمة "آرتيكل 19"، سجلت في العام الماضي 15 حالة تغيير قسري للسكن، لكن هذا الرقم "بكل تأكيد هو أقل من الواقع، لاننا لا نعرف الحجم الحقيقي لهذه الظاهرة"، بحسب ما يقول ريكاردو غونزاليس المسؤول في المنظمة عن حماية الصحافيين في مكسيكو.
ويقول بعض الصحافيين المنفيين في مكسيكو ان عدد زملائهم الفارين من مناطقهم يجاوز 24 شخصا، يحظى البعض منهم بشيء من الحماية من السلطات.
ويقول ايميليو "لكن الحياة صعبة جدا، وهناك صعوبة في الحصول على العمل، لقد اضطر احد اصدقائي الى العمل كمهرج، والثاني الى بيع الكعك ليجدا قوتهما".
ويشير غونزاليس الى ان ظاهرة المنفى الداخلي للصحافيين تعطي فكرة عن غياب الدور الحقيقي للسلطات.
ويقول احد الصحافيين المحظوظين الذين تمكنوا من العثور على عمل صحافي في "المنفى" في مكسيكو "لا اعرف ما اذا كانت مهنة الصحافة تستحق كل ذلك...لقد قدمت لها كل شيء..بما في ذلك اصدقائي الذين قتلوا...".
أرسل تعليقك