لندن ـ أ ش أ
ذكر الكاتب البريطانى روبرت فيسك، أن "رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق أرييل شارون، كان يحظى باحترام فى السنوات الثماني التي قضاها في غيبوبة وهو يقترب من الموت، وخلال هذه السنوات لم تدنس صورته برسوم كاريكاتورية وسيلقى جنازة كبطل وصانع سلام، وبالتالى لا يمكننا إعادة كتابة التاريخ".
وأضاف فيسك، في مقاله الذي أوردته صحيفة "الإندبندنت" البريطانية على موقعها الإلكتروني، الأحد "أنه لا يوجد زعيم في الشرق الأوسط بقى ثماني سنوات في غيبوبة، فحافظ الأسد توفى في سريره وطلب من ابنه أن يمسك الحكم ويرتكب المجازر، والخمينى طالب بالمزيد من تنفيذ أحكام الإعدام كما كان يفعل طوال حياته، ولكن شارون جزار صبرا وشاتيلا كانت وفاته في صمت كشىء مقدس".
وتابع قوله "إن الكثيرين لعنوا شارون في حياته لتحمله مسئولية قتل عدد غير قليل من الجنود الإسرائيليين، وأيضًا قتل من العالم العربي الكثير".. مثبتًا أنه كفاءة لذبح شعب بأكمله، ولكنه حظى باحترام فى السنوات الثمانى التى قضاها وهو يقترب من الموت، لافتًا إلى محاولات الصحفيين فى واشنطن ونيويورك التملق لرأب الصدع في الصورة الوحشية لشارون بعد قتله 1700 فلسطينى فى مخيمى صبرا وشاتيلا عام 1982، وأعلنت إسرائيل عن تحمله لحمام الدم الذي ارتكب.
ولفت فيسك إلى أن شارون استطاع تجاوز مجازر صبرا وشاتيلا، وصعد تدريجيًا لكى يصبح رئيسًا للوزراء ومنع أى أمل فى إقامة دولة فلسطينية، وارتكب العديد من الجرائم الإنسانية. لافتًا إلى أنه فى عام 2001، بمساعدة الولايات المتحدة وادعائه على ياسر عرفات بأنه بن لادن، أصبح هو من يقال عليه رجل سلام، بينما كان يصور الزعيم الفلسطينى الراحل عرفات الذي قدم العديد من التنازلات أكثر من أى زعيم فلسطيني آخر بالإرهابى الأعظم.
وقال "إن العالم نسى معارضة شارون لاتفاقية السلام عام 1979 مع مصر، وتصويته ضد الانسحاب من جنوب لبنان فى عام 1985، ومعارضته مشاركة إسرائيل فى مؤتمر مدريد للسلام 1991، وتصويت الكنيست على اتفاق أوسلو فى عام 1993، وامتناع الكنيست عن التصويت لاتفاق السلام مع الأردن، وصوت ضد اتفاق الخليل في عام 1997، وإدانته طريقة تراجع إسرائيل لعام 2000 من لبنان، وبحلول عام 2002 كان قد بنى 34 مستعمرة يهودية غير شرعية جديدة على أرض عربية".
وسخر فيسك من وصف شارون بأنه رجل سلام. وقال "عندما قصف طيار إسرائيلى بناية سكنية فلسطينية فى غزة وقتل 9 أطفال صغار وكان الهدف سعيه وراء حماس، وصف شارون العملية بأنها "نجاح كبير" وصمت الأمريكيون، لأنه خدع حلفاءه الغربيين بفكرة مجنونة هى أن الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى جزء من حرب بوش الوحشية ضد "الإرهاب العالمي"، وأن عرفات هو نفسه بن لادن، وأن الحروب الاستعمارية الماضية في العالم كانت جزءًا من الصدام الكوني مع التطرف الديني".
واختتم الكاتب البريطاني روبرت فيسك، مقاله، قائلًا "إن المباراة النهائية لردود الفعل السياسية على سلوك شارون بخلاف جورج بوش هى أن أرييل شارون كان "رجل سلام" عندما أصبح رئيسًا للوزراء".. مشيرًا إلى أن براجماتية وسائل الإعلام لم تلاحظ قسوة شارون، على الرغم من معرفته باسم "البلدوزر" وبنائه العديد من المستوطنات اليهودية على الأراضي العربية، وبالتالي بقاؤها لسنوات والقضاء على فكرة إقامة دولة فلسطينية".
أرسل تعليقك