غزة ـ صفا
أوصت دراسة بحثية عن الصحف الفلسطينية بضرورة تحييد الخطاب الصحفي عن المناكفات السياسية، وعدم اتهام الآخر بالتقصير نحو حقوق الإنسان الفلسطيني المدنية والسياسية من منطلق الانقسام السياسي، وإنما توجيه الانتقاد البناء للقوى الفاعلة الفلسطينية لتقويم دورها بما يخدم مراعاة حقوق الإنسان الفلسطيني المدنية والسياسية.
جاءت تلك الدراسة خلال مناقشة رسالة ماجستير في تخصص الصحافة والإعلام، للباحثة نسرين محمد حسونة بعنوان، "الخطاب الصحفي الفلسطيني نحو قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية: دراسة تحليلية مقارنة"، في قاعة المؤتمرات بمبنى طيبة بالجامعة الإسلامية والتي بموجبها منحت لها شئون البحث العلمي والدراسات العليا بالجامعة الإسلامية في غزة درجة الماجستير من قبل لجنة المناقشة والحكم.
وضمت اللجنة كل من أستاذ الصحافة المساعد بالجامعة الإسلامية أحمد عرابى الترك مشرفاً ورئيساً، وأستاذ الصحافة بالجامعة الإسلامية جواد راغب الدلو مناقشاً داخليا، وأستاذ الإعلام المساعد بجامعة الأقصى أحمد إبراهيم حماد مناقشاً خارجياً.
وهدفت الباحثة في دراستها إلى التعرف على مدى اهتمام صحيفتي "الحياة الجديدة" و"فلسطين" بقضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية وطبيعة الخطاب الصحفي الفلسطيني نحوها، وتحديد ملامح هذا الخطاب، وقواه الفاعلة، والأطر المرجعية، ومسارات البرهنة، والوقوف على أوجه الاتفاق والاختلاف بين الصحيفتين.
وتعد هذه الدراسة من البحوث الوصفية، وفي إطارها تم استخدام عدة مناهج هي: منهج المسح الإعلامي، ومنهج تحليل الخطاب، ومنهج دراسة العلاقات المتبادلة، وفي إطاره تم استخدام أسلوب المقارنة المنهجية، كما استخدمت الباحثة نظرية وضع الأجندة، ونظرية الإطار الإعلامي، أما أداتا الدراسة فهما تحليل المضمون، وتحليل الخطاب.
وأوضحت الباحثة أن عينة الدراسة هي صحيفتي "الحياة الجديدة" و"فلسطين"، وتم اختيار أعداد الصحيفتين بطريقة العينة العشوائية المنتظمة بأسلوب الأسبوع الصناعي لمدة عام كامل للفترة الزمنية الممتدة من (1/1/2012م وحتى 31/12/2012م).
وتمثلت مادة دراسة تحليل المضمون بجميع الموضوعات التي تناولت حقوق الإنسان المدنية والسياسية في صحيفتي الدراسة بأشكالها الصحفية المختلفة، أما مادة تحليل الخطاب فتمثلت في جميع مواد الرأي.
خلاصة الدراسة
وخلصت الباحثة في دراسة تحليل المضمون إلى مجموعة من النتائج أبرزها، احتلال الحقوق المدنية المرتبة الأولى في صحيفتي الدراسة، ثم تلتها الحقوق السياسية، وتفوق صحيفة "فلسطين" على صحيفة "الحياة الجديدة" في درجة الاهتمام بقضايا الحقوق الإنسانية المدنية، بينما تفوقت صحيفة "الحياة الجديدة" على صحيفة فلسطين في درجة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان السياسية.
وكانت أبرز الأهداف المتحققة من المعالجة الصحفية لقضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية، هي: هدف "التركيز على انتهاكات حقوق الإنسان"، وهدف "وصف الوضع القائم"، في حين ظهر إغفال واضح لهدف "التثقيف بقضايا حقوق الإنسان" في صحيفتي الدراسة، وكان شكل "الخبر الصحفي" أكثر الأشكال الصحفية استخداماً في تغطية قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية.
وتوصلت دراسة تحليل الخطاب إلى مجموعة من النتائج أبرزها، حصول أطروحة "إضراب الأسرى عن الطعام" في صحيفة "الحياة الجديدة" على النسبة الأعلى من بين أطروحات قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية، بينما حظيت أطروحة "تعذيب الاحتلال (الإسرائيلي) للأسرى" على النسبة الأعلى في صحيفة فلسطين، وظهر "الأسرى الفلسطينيون" كأكثر القوى الفاعلة الفلسطينية التي اتسمت أدوارها بالإيجابية في صحيفتي الدراسة.
بينما كانت من أكثر القوى الفاعلة الفلسطينية التي اتسمت أدوراها بالسلبية في صحيفة فلسطين "السلطة الوطنية الفلسطينية"، وفي صحيفة الحياة الجديدة "حركة حماس"، وكانت "المرجعية القانونية"، و"المرجعية التاريخية" من أكثر المرجعيات التي استند إليها منتجو الخطاب في صحيفة "فلسطين"، أما في صحيفة "الحياة الجديدة" فكان هناك غياب تام "للمرجعية القانونية"، وحضور واضح للمرجعية "السياسية" و"الأمنية".
وأوصت الدراسة بضرورة زيادة الاهتمام بقضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وتوحيد أجندة الصحف الفلسطينية نحو تلك القضايا، والتعامل مع قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية جميعها باعتبارها كلّ متكامل ولا يجوز تجزئته. مؤكدةً على ضرورة أن يكون لكل صحيفة مصادر خاصة، تعمل على تقديم تغطية متميزة لقضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وعدم الاعتماد على وكالات الأنباء سواء المحلية أو الدولية بشكل كبير.
ودعت العاملين في الصحف الفلسطينية إلى زيادة عدد المراسلين في كل من القدس وأراضي (48)، حتى يتم تغطية قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية فيها بما يتناسب مع حجم تغطيتها للأحداث في قطاع غزة والضفة الغربية، وزيادة اهتمامهم بالأشكال التفسيرية والتحليلية عند تغطية الأحداث الخاصة بحقوق الإنسان المدنية والسياسية، واستقطاب كتاب متخصصين في الشأن الحقوقي، أو معلقين متخصصين في تناول الأبعاد الدولية ذات الصلة بقضايا حقوق الإنسان.
وفي ذات السياق، أوصت الباحثة بضرورة العمل على إنهاء حالة الانقسام في الهيكل الصحفي، من أجل توحيد الخطاب الصحفي الفلسطيني نحو قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية بما يخدم توحيد الجهود من أجل نيل الإنسان الفلسطيني حقوقه المنتهكة.
كما دعت لضرورة اهتمام الخطاب الصحفي بكافة قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية وبما تتضمنه من أطروحات مركزية وفرعية، وعدم التركيز على قضايا محددة وإغفال قضايا أخرى مع ما يتناسب مع السياسية التحريرية للصحيفة النابعة من التوجه الأيديولوجي للجهة المالكة لها.
ودعت منتجو الخطاب في صحيفتي "الحياة الجديدة" و"فلسطين" إلى التنويع في استخدام مسارات البرهنة، وزيادة التركيز على الأدلة لما لها من دور كبير في إقناع القارئ بالمادة المقدمة له.
وشددت على ضرورة تركيز الخطاب الصحفي على الدور السلبي للاحتلال الإسرائيلي في انتهاك حقوق الإنسان الفلسطيني المدنية والسياسية، وفضح ممارساته أمام الرأي العام العالمي، من أجل جلب تأييد العالم لحقوق الشعب الفلسطيني بالعيش في حرية وكرامة.
وأكدت ضرورة الاهتمام بالمرجعية الدينية والاجتماعية بدرجة أكبر في الخطاب الصحفي للصحف الفلسطينية، لما لهم من دور فعّال في حماية منظومة حقوق الإنسان المدنية والسياسية، وكذلك زيادة تركيز خطاب الصحف الفلسطينية على المرجعية القانونية والتاريخية في معالجة قضايا حقوق الإنسان المدنية والسياسية، بما يخدم تحقيق وظائف الصحافة من توعية وتثقيف وحماية حقوق الإنسان وزيادة الوعي بها.
أرسل تعليقك