أصدرت مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة اليوم تقريرها البحثي الأول، وذلك بمناسبة انطلاقة أعمال المؤسسة رسميا والذي حمل عنوان "عواقب النجاح أو الفشل: قلب مسار توجهات استهلاك الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي".
وأكدت المؤسسة، في تقريرها، أنه ينبغي على دول الخليج التصدي للارتفاعات الحادة في استهلاكها المحلي من الطاقة، وإلا عليها أن تواجه خطر فقدان مواردها التصديرية الثمينة التي تمثل 90 بالمائة من الإيرادات الحكومية في هذه البلدان.
وأبرزت المؤسسة في تقريرها حقيقة أن أسعار الطاقة في دول الخليج تعتبر الأدنى عالميا، حيث إن الأسعار التي كانت تعتبر سخية وأريحية في السبعينيات من القرن الماضي ظلت على ما كانت عليه، بل ربما تم تخفيضها بالفعل في بعض الحالات، وذلك على الرغم من تأثيرات التضخم وتآكل قيمة الدخل، الأمر الذي جعل أسعار الطاقة في حقيقة الأمر تنخفض بشكل كبير لدرجة أصبحت معها الأسعار ضئيلة للغاية مقارنة بالدخل، وبالتالي القرارات الاستهلاكية في دول منطقة الخليج لم تعد ذات قيمة.
ووفقا للتقرير، فبالرجوع إلى عام 1973 كان معدل استهلاك دول الجزيرة العربية أقل من واحد بالمائة من الطلب العالمي على الطاقة، ولكن بعد مضي أربعين عاما نجد أن دول الخليج التي تمثل نصف الواحد بالمائة من عدد سكان العالم تستهلك 5 بالمائة من الطلب العالمي على النفط، وتدل الإحصائيات خلال العقد المنصرم على أن معدل النمو السنوي في الاستهلاك الأساسي للطاقة بهذه الدول كان أسرع بنسبة الضعف من معدل النمو العالمي البالغ 2.5 بالمائة.
وفي حين كان إجمالي استهلاك منطقة الخليج من الطاقة في عام 2001 قد بلغ 220 مليون طن مكافئ من النفط، فقد تضاعف هذا الاستهلاك في عام 2010، وأنه من المتوقع أن يتضاعف مرة أخرى في عام 2020.
وقال سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية مؤسس مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة،" إنه ينبغي على دول الخليج أن تعيد النظر في الاعتمادات السخية التي تدعم بها الطاقة، حيث لم تعد قادرة على تحملها، وبالتالي عليها أن تبحث عن البدائل"، مضيفا: "نرى أنه على دول الخليج أن تقلل من الدعم وأن تعمل على إعداد الناس لتقبل هذه التغييرات، وأن يلعب الشباب الخليجي المتعلم دورا أساسيا في حدوث هذا التغيير المطلوب".
وقدم التقرير الأول لمؤسسة العطية شرحا للمزايا المتحققة من نجاح عملية إصلاح سياسات دعم الطاقة التي يدعو لها من حيث المبالغ المالية المخصصة للدعم والتي تمثل حصة كبيرة من الموارد الوطنية العامة، والتي يمكن استخدامها لأجل توليد حزمة من المنافع الاجتماعية.ومن هذا المنطلق، فإن الأسعار المصححة للطاقة والتي ستجعل سعر منتجاتها أعلى من ذي قبل ستزيد من إيرادات الدولة، وفي ذات الوقت ستلعب دورا مهما في حث المستهلكين على تبني عادات استهلاكية واستخدام منتجات وتقنيات تعمل على زيادة الحفاظ على الطاقة وتفيد بذلك البيئة سواء المحلية أو على الصعيد العالمي، كما يعني تحقيق انخفاض ملموس في نفقات الدولة والحفاظ على الموارد الثمينة للتصدير.
وخلال حفل الافتتاح، أجرى سعادة السيد عبدالله بن حمد العطية مؤسس "مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة"، جلسة نقاشية أجاب خلالها عن عدد من الأسئلة منها، تقييمه لمشهد أسعار النفط، حيث أوضح أنه من خلال معرفته الطويلة بالأسواق، فإنه يؤمن بأن الأسعار في الصناعة الهيدروكربونية تمر بدورات متتالية، ولا تبقى أبدا عالية بشكل متواصل، ولا منخفضة بشكل متواصل.وأوضح أن أسعار النفط في السنوات العشر الأخيرة كانت مرتفعة بسبب دخول الهند والصين إلى الأسواق باعتبارها دولا صناعية كبرى لديها طلب مرتفع على الطاقة، وقامتا بشراء كميات هائلة من النفط، ونظراً لأن الأسعار ترتفع في دورة زمنية، فلا أعتقد بأننا سنرى السعر يرتفع لمستوى 100 دولار للبرميل مرة أخرى في وقت قريب، وعلينا أن نمحي من ذاكرتنا هذا المستوى من الأسعار في الوقت الراهن.
وأشار إلى أن أسعار النفط المرتفعة ليست دائما أمرا جيدا للمنتجين أو للمستهلكين، ومن خلال تجربته يرى أن الدول المنتجة تحتاج إلى سعر معقول لمنتجها وتحتاج كذلك إلى أن يكون المستهلك في وضعية طيبة، منوها بأن النقاش والجدال حول ربط مؤشرات الأسعار سيستمر، وذلك لأن الدول المستهلكة لم يكن لديها على الإطلاق موقف واضح من ذلك، فعندما تكون الأسعار منخفضة يريدون مؤشرات ربط أسعار النفط وعندما ترتفع الأسعار، يتغير رأيهم.
وأكد على أهمية الحوار بين المنتجين والمستهلكين، حيث يحتاج المنتجون إلى معرفة توقعات الطلب وذلك من أجل القيام بالاستثمارات الصحيحة لتلبية الطلب، كما يحتاج المستهلكون إلى معرفة توفر الكمية الملائمة من العرض، ومن الصعب الوصول إلى هذا التوازن بدون وجود الحوار بين الطرفين، خاصة أن عملية الملاءمة بين الطرف المنتج والطرف المستهلك للوصول إلى صيغة تحقق التوازن وتتفادى الهزات في سوق النفط والغاز، هي عملية مليئة بالتحديات من حيث طريقة التعامل بين الجانبين ومن حيث تحقيق المنافع لكل منهما.
وقال: "نحن في دولة قطر نساند وندعم المزيد من التعاون بين الدول المنتجة والدول المستهلكة، وأنا أؤمن بأن الصراع التقليدي بين الجانبين قد أصبح من الماضي، ولا ينبغي علينا أن نواصل إضاعة الوقت والجهد ونحن نلوم بعضنا البعض، ولكن علينا السعي للبحث عن حلول تضمن أمان التوريدات وثبات الأسعار والحد من انبعاثات الغازات الضارة بالبيئة".وقال الدكتور إبراهيم الإبراهيم نائب رئيس مؤسسة عبدالله بن حمد العطية للطاقة والتنمية المستدامة، والمستشار بالديوان الأميري، في كلمة ألقاها خلال حفل تدشين المؤسسة،" إنه في الوقت الذي نشهد فيه أن بقية دول العالم تأخذ في اتجاه التحول التدريجي إلى نظم طاقة أعلى كفاءة من الناحية الاقتصادية، نجد على الجانب الآخر أن دول مجلس التعاون الخليجي ترتفع وتيرة استخدامها للطاقة في انتاج وحدة القياس للنمو الاقتصادي، وتقل كفاءتها في هذه العملية بشكل متواصل".
أرسل تعليقك