قلعة الصقالة تاريخ بطراز أوروبي بين أحضان المغرب
آخر تحديث GMT09:18:26
 تونس اليوم -

قلعة "الصقالة" تاريخ بطراز أوروبي بين أحضان المغرب

 تونس اليوم -

 تونس اليوم - قلعة "الصقالة" تاريخ بطراز أوروبي بين أحضان المغرب

الرباط ـ وكالات

على أسوار قلعة "الصقالة " التاريخية في مدينة الصويرة المغربية، تنطبع صفحات من حكاية المغرب مع جارته الأوروبية، تمتد فصولها، منذ أيام الغزوات المغربية في اتجاه شبه الجزيرة الإيبرية (البرتغال وإسبانيا) لإقامة حضارة الأندلس في الفترة بين عامي 711 و1492م. ومع الغزو الاستعماري الذي شنته الدول الأوروبية على السواحل الجنوبية للبحر المتوسط بعد ضعف الدولة المركزية في بلاد المغرب الأقصى أمام تطور الآلة العسكرية الأوربية مع نهاية القرن الرابع عشر وبدايات القرن الخامس عشر الميلادي، جاء إنشاء قلعة "الصقالة" على يد السلطان المغربي محمد بن عبد الله (فترة الدولة العلوية) في القرن الثامن عشر؛ لحماية أمن الساحل المغربي. وصنفت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" قلعة "الصقالة"، ضمن التراث العالمي، وهي تشبه إلى حد بعيد القلاع العسكرية التي أنشأت لتأمين الدفاعات في الثغور المغربية ضد الغزو الأوروبي. وبحسب جولة أجرتها مراسلة الأناضول في مدينة الصويرة وزارت خلالها قلعة "الصقالة"، فإن القلعة تضفي على المدينة طابعا خاصا، يجعل منها ومن أزقتها القديمة المطوقة بأسوار تاريخية أشبه بحصن صغير، يطفو على سطح المدينة التي تحيط بها مياه المحيط الأطلسي من جنباتها الثلاث، وتطل شواطئها على جزيرة موكادور التاريخية. ورغم مرور عدة قرون على تشييدها، إلا أن هذه القلعة التاريخية وأسوارها لا تزال تحافظ على صلابتها وتماسكها في مواجهة أمواج البحر العاتية ورطوبته المقيمة في المدينة على امتداد فصول السنة. وتحاكي أسوار القلعة في طريقة بنائها وتصميمها الطراز الأوروبي، على خلاف باقي الأسوار الداخلية للمدينة، التي ظلت محافظة على طراز المدن المغربية العتيقة الغني بفن العمارة الأندلسية والطراز الموحدي (نسبة للإمبراطورية الموحدية التي حكمت المغرب بين عامي 1121 و1269م)، في إقامة الأسوار والتحصينات الخارجية للمدن. فعلى الواجهة البحرية للمدينة أقيمت صقالتان (قلاع دفاعية) صقالة القصبة وصقالة البحر، وتشير الدراسات التاريخية إلى أن السلطان العلوي محمد بن عبد الله الذي يعد المؤسس التاريخي لمدينة الصويرة سنة 1760م، قد أولى اهتماما كبيرا لإنشاء هذه القلاع الدفاعية في عدد من المدن المغربية وفي مقدمتها الصويرة نظرا لموقعها الجغرافي الإستراتيجية. وكانت تقام في قمة هذه القلاع العسكرية أبراجا كبيرة للمراقبة وشرفات يتمركز بها جنود السواحل ضد الهجمات الإيبرية (الإسبانية والبرتغالية)، خاصة بعد الاحتلال الأسباني والبرتغالي في القرن الخامس عشر بعد ضعف السلطة المركزية في المغرب زمن الدولة الوطاسية (1472 - 1545) وعدم قدرة الجيش المغربي السلطاني على مواجهة التهديدات الخارجية، قبل أن يستعيد المغرب قوته العسكرية والسياسية في عهد الدولة السعدية (1554 - 1659). وقرب شاطئ مدينة الصويرة التاريخية تتواجد جزيرة موكادور، وهي عبارة عن مجموعة من الكتل الصخرية التي تنبسط في مياه المحيط الأطلسي وتبعد عن شاطئ المدينة نحو كيلو متر واحد، حيث تعد الجزيرة الوحيدة على طول الساحل الأطلسي المغربي، إلى جانب جزر الكناري الخاضعة للسيطرة الإسبانية. وتتحدث الروايات التاريخية أن هذه الجزيرة كانت محطة تجارية لسفن الفينقيين، الذين يرجح أنهم من أطلقوا عليها اسم موكادور ويعني باللغة الفينيقية القديمة "ميكدول" أي الحصن الصغير. ولعبت هذه الجزيرة أدوارا دفاعية مهمة بالنسبة للمدينة، وبُني بها سجن كان يوضع به المعتقلون، كما بني بالجزيرة مسجد ذو طراز مميز مما أعطى الجزيرة منظرا ساحرا يجعل منها معلما سياحيا متميزا في المغرب. كما توجد قرب شاطئ المدينة جزيرة أخرى صغيرة بها قلعة عسكرية، كانت بمثابة ثكنة للمراقبة العسكرية، لكن هذه الآثار التاريخية لهذا الأرخبيل الساحر على شواطئ مدينة الصويرة تعاني الآن بفعل رطوبة البحر وملوحة مياهه من خطر الانهيار حسبما يقول نشطاء محليون. وتكلف بناء هذه الآثار، التي تشبه إلى حد بعيد القلاع التاريخية الأوروبية، مبالغ باهظة وقت بنائها. وتتوفر في القلاع العسكرية في مدينة الصويرة،على غرار باقي المدن الساحلية المغربية، أبراج للمراقبة بها مدافع موجهة صوب البحر وبها نقوش تدل على أصلها الإيبري، وهو ما يؤكد أن المغرب في حينها كان يسعى إلى الاستفادة من التقدم الذي عرفته أوروبا في المجال العسكري من أجل الدفاع عن أراضيه تجاه الضغوط الاستعمارية المتلاحقة التي كان يتعرض لها خاصة في ذلك الوقت. وفي عهد الدولة الوطاسية، تعرضت أغلب المدن الساحلية المغربية للاحتلال، الصويرة (جنوب)، الجديدة (وسط)، آسفي (وسط))، وقامت الزوايا الصوفية في حينها بحملات الجهاد ضد الغزو الاستعماري. وتمكنت المقاومة المغربية بعد معركة واد المخازن الشهيرة من إنهاء التواجد الإيبري في المغرب سنة 1578م واستعادة الثغور المغربية باستثناء مدينتي سبتة ومليلة المطلتين على ساحل البحر المتوسط واللتين تخضعان للسيطرة الإسبانية حتى اليوم، رغم مطالبة المغرب بتسوية هذا الملف.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قلعة الصقالة تاريخ بطراز أوروبي بين أحضان المغرب قلعة الصقالة تاريخ بطراز أوروبي بين أحضان المغرب



GMT 18:43 2021 السبت ,23 كانون الثاني / يناير

منتزهات وطنية خلابة ومميزة في كرواتيا

GMT 23:48 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

منتجعات رائعة تخطف الأنفاس وتبعث راحة البال

GMT 23:47 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أفضل 5 منتجعات في أبوظبي

GMT 23:46 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

منتجع فورسيزونز شاطئ جميرا ملاذ هادئ في قلب دبي عليك بزيارته

GMT 23:45 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

وادي الوشواشي في سيناء بحيرة طبيعية وسط الجبال

GMT 23:45 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

منتجعات الوادي الجديد تتميَّز بطبيعة ساحرة في قلب الصحراء

GMT 04:41 2024 الثلاثاء ,20 شباط / فبراير

الكشف عن فوائد مذهلة لحقنة تخفيف الوزن الشهيرة

GMT 00:00 2016 الخميس ,22 كانون الأول / ديسمبر

عليك النظر إلى المستقبل البعيد واختيار الأنسب لتطلعاتك

GMT 04:00 2018 الثلاثاء ,03 تموز / يوليو

مستقبل إردوغان

GMT 13:21 2021 الخميس ,22 إبريل / نيسان

عملاق صيني للطرق الوعرة سيظهر العام الجاري

GMT 11:08 2021 السبت ,05 حزيران / يونيو

شركة كيا تكشف عن النسخة الأحدث من طراز K5

GMT 12:43 2017 الأربعاء ,25 تشرين الأول / أكتوبر

وفاة شخص وإصابة 2 بتصادم 3 سيارات في دبي

GMT 06:02 2012 الإثنين ,31 كانون الأول / ديسمبر

اتفاق تعاون بين الأردن والكويت

GMT 12:58 2017 الإثنين ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

آلات قطر الإعلامية والدينية.. والتحريض على مصر وجيشها

GMT 07:04 2021 الجمعة ,29 تشرين الأول / أكتوبر

كثرة التنقل
 
Tunisiatoday

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday Tunisiatoday
tunisiatoday tunisiatoday tunisiatoday
tunisiatoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
tunisia, tunisia, tunisia